كيف يُعيد مديرو الأصول هيكلة محافظهم الاستثمارية وقت الأزمات؟

بنوك "وول ستريت" مولعة بالاستثمار في الصين
بنوك "وول ستريت" مولعة بالاستثمار في الصين المصدر: Alamy
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تظهر في أوقات الأزمات استراتيجية مختلفة لدى المتداولين القلقين من عمليات البيع في أسواق الأسهم والسندات، بتوجههم نحو الأصول ذات العائد المضمون نسبياً مثل أسهم الشركات التي تدفع أرباحاً ثابتة.

أجبر الاضطراب، الذي أدخل سوق الأسهم العالمية في حلقة هبوطية وكذلك هبوط سندات الخزانة الخالية من المخاطر، المستثمرين على اتباع طرق إبداعية، إذ يبحث المستثمرون حالياً عن أصول مثل الأسهم ذات الأرباح المرتفعة، والسندات من الدرجة الاستثمارية، والأسهم الصينية.

يتمنى المستثمرون أن تتحمّل تلك الأصول المشتراة تداعيات تسارع رفع أسعار الفائدة المتوقَّع من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي لتهدئة التضخم المتصاعد بأسرع وتيرة له منذ أربعة عقود.

قال بيتر غارنري، رئيس استراتيجية الأسهم لدى "ساكسو بنك": "نعمل على تعديل المحافظ الاستثمارية للوصول إلى تعرّضات منطقية في هذه البيئة الحالية. تتعلق تلك التعرّضات بالسلع والأسهم الدفاعية، مثل الخدمات اللوجستية والأمن السيبراني، ذات الملاءة المالية الضخمة".

إقرأ أيضاً.. "S&P 500" ينخفض لخامس يوم على التوالي في أطول سلسلة خسائر منذ يناير

في هذا الإطار قال كريم شديد، رئيس فريق استراتيجية الاستثمار وكبير المحللين الاستراتيجيين في الصندوق المتداول بالبورصة "أي شيرز" لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا التابع لشركة "بلاك روك"، إنَّهم يفضّلون أسهماً تستطيع التغلب على التضخم المستمر والهوامش الأكثر صعوبة مثل قطاعات الرعاية الصحية والتكنولوجيا والقطاعات الدفاعية عامة التي لا تتأرجح مع أسعار المستهلك.

فيما يلي قائمة بالأصول الأخرى الجاذبة بالنسبة للمستثمرين:

أسهم التدفق النقدي الحر

تقول إلين هازين، كبيرة استراتيجيي السوق ومديرة محفظة في "إف إل بوتمان إنفستمنت مانجمنت"، يوم الثلاثاء، في مقابلة مع "بلومبرغ"، إنَّ عصر الوصول السهل إلى الأموال ذات معدلات الفائدة الحقيقية المنخفضة أو السلبية انتهى، ويظهر جلياً كذلك "أن كل ما تعلمناه حول كيفية تقييمك للشركات، وهذا النوع من التدفق النقدي في امتحانات المحللين الماليين وكليات إدارة الأعمال أصبح مهماً مرة أخرى. يعني ذلك أنَّك تريد امتلاك شركات يُمكنها توليد تدفقات نقدية حرة".

تُحقّق أسهم الرعاية الصحية والتأمين وعدد قليل من أسهم التكنولوجيا في مؤشر "إس آند بي" الكثير من التدفق النقدي الحر، وهو ما يجعلها جذّابة بالنسبة لشركة "إف إل بوتمان إنفستمنت مانجمنت".

عائد التوزيعات

يُعدّل بعض المستثمرين استراتيجيات الاستثمار نحو أسهم توزيع الأرباح، وفقاً لماريجا فايتمين، كبيرة الاستراتيجيين لدى "ستيت ستريت غلوبال ماركتس"، مضيفة أنَّ المراكز الأفضل للاختباء تتضمّن الأسهم ذات عائد التوزيعات المرتفع، والشركات كبيرة الحجم.

ترى فايتمين أنَّ البنوك المركزية ستواصل رفع أسعار الفائدة بسبب استمرار المستهلكين والشركات في الحصول على سيولة كبيرة والوصول إلى الاقتراض الزهيد حتى الآن. كما أفادت أنَّ "هناك رؤية سلبية للغاية للأسهم، ولذلك سنقوم ببيع أي أصل يحقق ارتفاعاً".

يقوم سات دوهرا من "جانوس هينديرسون إنفيستورز" (Janus Henderson Investors) بزيادة المراكز المالية في الأسهم الصينية، ومنها قطاعات البنية التحتية للطاقة المتجددة والمياه، الحاصلة على تقييمات جذابة مع اعتزامها دفع أرباح في شهري يونيو ويوليو.

يستثمر مدير المحفظة بالشركة التي يقع مقرها بسنغافورة في شركات آسيوية ذات عوائد ربحية تتراوح بين 6-8%، قائلاً إنَّ "هذا التباين جيد مقارنة بعائدات السندات، ويوفّر بعض الحماية في هذه الفترة الشديدة التقلّب".

قوة التسعير

يقول هيرالد فان دير ليندي، رئيس استراتيجية الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادئ في "إتش إس بي سي هولدينغز"، لدى البنك قائمة بالأسهم التي تجنح إلى الأداء بشكل جيد حتى في بيئة الاقتصاد الكلي الضعيفة. وأفاد: "يمكن أن يكون أداء هذه الأسهم جيداً لأنَّ أعمالها تتمتّع بقوة تسعيرية، أو لأنَّها تعمل في قطاع متخصص ومميّز، أو تقوم بدور حيوي في الأسواق شديدة التركيز".

لكن في ظل إعادة فتح الاقتصادات الآسيوية الحالي، يرى "جيه بي مورغان أسيت مانجمنت" تحسناً في آفاق الطلب المحلي بالمنطقة. وكتب تاي هوي، كبير استراتيجيي السوق في آسيا، في مذكرة، إنَّ توقُّعات الأرباح الحالية للأسهم الآسيوية تبدو "متحفظة للغاية لعام 2022، وسيكون تقييمها جذاباً كذلك عند تحسن معنويات السوق".

تجد "ميرابود آن دساي"(Mirabaud & Cie)، وفقاً لأحد مديريها جون بلاسارد، فرصاً كذلك في الأسهم التي تتمتّع بقوة تسعيرية من أمثال "سيكا" (Sika)، و"غيبيريت" (Geberit)، و"غيفودان" (Givaudan).

كتب الخبراء الاستراتيجيون لدى "يو بي إس غروب"، ومنهم كيث باركر، في مذكرة: "نحن نركز على فرص القيمة النسبية، ونعيد تقييم قطاعاتنا المفضلة، ومراقبة عائدات الأسهم التي تعتمد أساساً على ركود اقتصادي، وعلى الركود إلى حد كبير".

كما يركزون أيضاً على القوة التسعيرية والأسهم عالية الجودة والأسهم التي تم تعرّضها لصالح المستهلكين ذوي الدخل المرتفع.

سياسات توزيع أرباح

تقول لويز دودلي، مديرة المحفظة بـ "فيديريتيد هيرمس" (Federated Hermes): "تحافظ بعض شركات السلع الاستهلاكية الأساسية على مرونة أسعار علاماتها التجارية القوية. تعتبر الأسهم التي تتمتّع بسياسات توزيع أرباح مستقرة ملاذات، وهناك قيمة في قطاعي الرعاية الصحية والطاقة".

أما فابيو كالداتو، الشريك في "أولمبيا ويلث مانجمنت" (Olympia Wealth Management)؛ فقد قام ببناء مراكز كبيرة في شركات الرعاية الصحية وأضاف: "نستمر في شراء أسهم هذا القطاع مع التركيز على شركات الأدوية الأوروبية الكبرى مثل (جي إس كيه) و(سانوفي) بشكل قوي".

الخبراء الاستراتيجيون، ومنهم كريستوفر بي هارفي، في "ويلز فارغو" يقولون في مذكرة، إنَّهم بحثوا بشكل دقيق عن أفكار طويلة الأمد، مستعينين بالتدقيق في دراسة المحافظ خلال فترات الركود التاريخية، وتتضمّن أسماء شركات من أمثال "كومكاست" (Comcast)، و"كوكا كولا" (Coca-Cola)، و"إنترناشيونال بزنس ماشينز" (International Business Machines) .

الأسهم الصينية

تعتقد "سي إي بي إنترناشيونال إنفيستمنت" (CEB International Investment) أنَّ الوقت قد حان لشراء ما يسمى بأسهم الاقتصاد الجديد في الصين، ومنها التكنولوجيا، برغم المخاطر التنظيمية في البلاد. قال باني لام، رئيس قسم الأبحاث: "ظنَّ غالبية الناس قبل عام أنَّ هذا الأمر سوف يؤدي لمرور كل أسهم التكنولوجيا بدورة عكسية. أنا متفائل للغاية بهذا القطاع وبالنصف الثاني من هذا العام".

إلى ذلك، يستمر تفاؤل "غولدمان ساكس" حيال الأسهم الصينية مع قيام الحكومة بتيسير السياسات العامة، قائلة إنَّ أسهم الإنترنت ما تزال تتداول بأقل من قيمتها الحقيقية، وفقاً لمذكرة مكتوبة من قبل الاستراتيجيين، ومنهم كينغر لاو.

باعت "بيكتيت أسيت مانجمنت" مؤخراً مراكزها في الأسهم الصينية للمرة الثانية بسبب "المخاطر الكبيرة" المشمولة في سياسة "صفر كوفيد"، بحسب قول فريدريك رولين، كبير مستشاري الاستثمار لدى الشركة، والتي تقلل من أهمية أسهم جميع القطاعات حالياً من حيث المناطق الجغرافية.

سندات من الدرجة الاستثمارية

تحقق السندات عالية التصنيف توازناً جيداً بين تحقيق الدخل والقدرة على الصمود في مواجهة مخاوف التباطؤ، على حد قول تاي هوي من "جيه بي مورغان".

وأضاف أنَّ المخاطرة بالمدة قد تكون تحدياً قصير الأجل للدخل الثابت، وهو أمر يقيس حساسية سعر الدين مقابل تحركات أسعار الفائدة، إلا أنَّ دخل سندات الحكومة والشركات يوفّر وسادة أفضل لتعويض التقلّبات السعرية الناتجة عن صعود الفائدة.

تقول نانيت هيشلر- فايدهيربي، كبيرة مسؤولي الاستثمار في إدارة الثروات العالمية ورئيسة قسم الاقتصاديات والبحوث العالمية لدى "كريدي سويس": "حان الوقت لإعادة بناء تعرّض الدخل الثابت في ظل مجهودات البنك المركزي لتثبيت توقُّعات التضخم على المدى البعيد.".

وتضيف: "تقدّم السندات الحكومية الأساسية والائتمانات عالية الجودة من قبل الشركات عوائد مناسبة حالياً. كما تعدّ سندات العملة الأجنبية في الأسواق الناشئة (مثل إصدارات الدولار الأمريكي) جذّابة للغاية".