عودة النفط الإيراني إلى أوروبا ستسدّ فجوة نقص الإمدادات الروسية

ناقلة النفط "ديفون" تبحر في مياه الخليج العربي باتجاه جزيرة "خرق"، لنقل الخام إلى أسواق التصدير في المنطقة.
ناقلة النفط "ديفون" تبحر في مياه الخليج العربي باتجاه جزيرة "خرق"، لنقل الخام إلى أسواق التصدير في المنطقة. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تزال عودة الخام الإيراني غير مؤكّدة، ولكن إذا تمّ التوصل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015، فقد يرتفع إنتاجها بسرعة وستزيد معه الصادرات في وقت أقرب.

المفاوضات المطوّلة بشأن إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة (بحسب الاتفاق بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا والاتحاد الأوروبي) يبدو أنها تقترب من نهايتها.

طالع أيضاً: 69 مليون برميل نفط إيراني عائم يترقب رفع العقوبات

تدرس الولايات المتحدة الرد الإيراني على الاتفاق "النهائي" الذي طرحه الاتحاد الأوروبي، فيما وُصف ردّ طهران بأنه "بنّاء".

غير أنه لم يتم الاتفاق على أي شيء حتى يتم التوافق على كل الأمور، وهناك العديد من الأسباب التي تدعو للتشاؤم بقدر ما تبعث على التفاؤل.

من جانبه، يرى "غولدمان ساكس" (.Goldman Sachs Group Inc)، على سبيل المثال، في حالة الجمود أنها "منفعة متبادلة".

مع ذلك، بالنسبة إلى مشتري النفط، فإن عودة النفط الخام الإيراني إلى سوق على وشك تكبّد خسارة كبيرة من البراميل الروسية لا يمكن أن تأتي في وقت قريب بما فيه الكفاية.

لا تزال دول الاتحاد الأوروبي تستورد حوالي 1.2 مليون برميل يومياً من الخام الروسي عن طريق البحر، أي ثلثي الكمية التي كانت تحصل عليها قبل غزو القوات الروسية لأوكرانيا. لكن العقوبات المقرر دخولها حيز التنفيذ في ديسمبر المقبل ستحُدّ من هذا التدفق. ويمكن للشحنات القادمة من إيران أن تساعد في سدّ الفجوة.

طالع المزيد: النفط يوسع خسائره وسط رهان على الإمدادات الإيرانية

تكرار الإنجاز

عندما تم تخفيف العقوبات في عام 2016، بعد اعتماد خطة العمل الشاملة المشتركة، تمت استعادة إنتاج النفط الخام الإيراني بشكل كامل وبسرعة أكبر مما توقعها المحللون. في ظل غياب دليل على الأضرار التي لحقت بحقول أو منشآت النفط، يمكن تكرار هذا الإنجاز.

في بداية عام 2016، توقع المحللون الذين استطلعت آراءهم "بلومبرغ" أن ترفع إيران إنتاجها بمقدار 400 ألف برميل يومياً في ستة أشهر، و675 ألف برميل يومياً بعد عام. وفي الواقع، تجاوزت توقعات 12 شهراً في نصف هذه المدة وزادت الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً، إلى 3.8 مليون برميل يومياً، في غضون عام من تخفيف القيود.

كان ارتفاع الصادرات أسرع، حيث تمّ تخزين كميات ضخمة من النفط الخام في الناقلات البرية والسفن حول الساحل الإيراني لتكون جاهزة للنقل بمجرد عودة المشترين. اليوم، تشهد إيران وضعاً مماثلاً، في ظل ما يقدر بنحو 100 مليون برميل من النفط الخام والمكثفات المخزنة التي يمكن إطلاقها في السوق على الفور تقريباً.

حذّرت وكالة الطاقة الدولية في شهر مارس الماضي، من أنه "من المحتمل أن يستغرق الأمر عدة أشهر لتفريغ النفط بالكامل" لأن الناقلات الإيرانية "ستحتاج إلى إعادة اعتمادها والتأمين عليها". أنا عن نفسي لستُ متأكداً من حقيقة تحذيرهم هذا.

اقرأ أيضاً: ضغوط منافسة روسيا في الصين تُجبر إيران على خفض سعر نفطها

تنافس

أبدت الصين استعدادها لقبول الناقلات الإيرانية في موانئها طوال فترة العقوبات الأخيرة، سواء أكانت معتمدة أم لا. ومن غير المحتمل أن يتغير ذلك. كذلك أبدت الهند، وهي مشترٍ كبير آخر للنفط الإيراني في الماضي، استعدادها لتسهيل وارداتها الجديدة من الخام الروسي من خلال الاعتماد السريع للناقلات الروسية التي تمّ تجنبها في أماكن أخرى. وإذا كانت إيران مستعدة للتنافس مع روسيا على السوق الهندية، فلا شك لديّ في أن الحكومة في نيودلهي ستفعل ما هو ضروري لتسهيل الشحنات.

حتى لو لم يتدفق الخام الإيراني إلى الولايات المتحدة قريباً، فإن ذلك لا يزال يجعل المشترين في آسيا، مثل كوريا الجنوبية واليابان والآخرين في أوروبا، قد يطلبون إعادة اعتماد ناقلات النفط الإيرانية القديمة. وبالنظر إلى الفترة التي كانت فيها خطة العمل الشاملة المشتركة سارية، بين عامي 2016 و2018، لم يتم تسليم أي من شحنات الخام الإيراني تقريباً إلى أوروبا أو اليابان على متن ناقلة إيرانية. لذلك يبدو من المرجّح، كما حدث في عام 2016، أن النفط الإيراني سيعود إلى السوق بسرعة أكبر مما يتوقعه معظم المحللين.

مصافي التكرير

إذا حدث ذلك، سوف يبث ذلك ارتياحاً لدى مصافي التكرير في البحر الأبيض المتوسط، والتي استهلكت حوالي 600 ألف برميل يومياً من الخام الإيراني في المرة السابقة. فهم يخاطرون بفقدان كميات مماثلة من البراميل الروسية عندما تدخل عقوبات الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ، وعلى الرغم من أنها ليست مطابقة تماماً لبعضها البعض، فإن معظم النفط الخام الإيراني سيكون بديلاً معقولاً لصادرات درجة خام الأورال.

يمكن أن تؤدي العودة السريعة للبراميل المخزنة، تليها زيادة سريعة في الإنتاج من الآبار المُغلقة، إلى أن يسهم النفط الإيراني في سدّ فجوة أحدثتها روسيا في أرصدة خام البحر الأبيض المتوسط. والآن كل ما نحتاجه هو إنجاز الصفقة.