مخاطر تخلف "الريبو" تقوض تشديد "المركزي الأوروبي" للسياسة النقدية

توافر سيولة مالية ضخمة مع نقص الأوراق المالية يثبط أسعار الفائدة

لافتات للبنك المركزي الأوروبي أمام مقره الرئيسي بفرانكفورت في ألمانيا.
لافتات للبنك المركزي الأوروبي أمام مقره الرئيسي بفرانكفورت في ألمانيا. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يكبح نقص الأصول مرتفعة الجودة في منطقة اليورو تكاليف الاقتراض قصير الأجل، وهو تطور قد يشكل خطراً على جهود البنك المركزي الأوروبي لتشديد السياسة المالية.

صعدت تكلفة الاقتراض النقدي بمقابل السندات الحكومية في ألمانيا بأسواق إعادة الشراء "الريبو"، حيث يفتش المضاربون وصناديق الاستثمار عن تمويل قصير الأجل، 57 نقطة أساس فقط منذ صدور قرار المركزي الأوروبي زيادة أسعار الفائدة 75 نقطة أساس الأسبوع الماضي، بحسب بيانات لمصرف "كوميرز بنك" (Commerzbank).

طالع المزيد: المركزي الأوروبي يرفع أسعار الفائدة 75 نقطة أساس.. الأعلى في 11 عاماً

عائدات السندات الحكومية

قال مسؤولون إنهم يراقبون الموقف للتأكد من أن ارتفاع أسعار الفائدة ينتقل فعلاً لمعدلات الإقراض والاقتصاد الأوسع نطاقاً. بذل البنك المركزي فعلياً جهوداً لمنع تدهور الأوضاع خلال اجتماعه الأخير، وزاد مؤقتاً من سقف سعر الفائدة على الودائع الحكومية، وهو تحرك يستهدف كبح الطلب على الأوراق المالية على غرار السندات قصيرة الأجل.

نقص الأوراق المالية

يُعدّ ذلك عرضاً لأعوام من عمليات شراء البنك المركزي للسندات التي ساعدت في تضخيم حجم الأموال الزائدة بالنظام المالي لمستوى قياسي وصل إلى 4.7 ​​تريليون يورو ( يعادل 4.7 تريليون دولار) وقلّص من مخزون السندات الحكومية المتاحة للتداول. لم يكن عدم التوازن يمثل مشكلة عندما كان البنك المركزي الأوروبي يحافظ على الظروف المالية ميسرة، لكن يعني ذلك حالياً أن مقداراً كبيراً من السيولة تلاحق عدداً محدوداً من الأوراق المالية، مما يثبط أسعار الفائدة.

اقرأ أيضاً: صدمة أسعار الفائدة القادمة ستكون مختلفة ولكن ليست أقل توتراً

قال مايكل ليستر، المحلل لأسعار الفائدة في "كوميرز بنك": " التمويل العابر المضطرب وغير المنتظم يمثّل مصدر قلق هائل، والتطورات الأخيرة بأسواق إعادة الشراء تفاقم مخاطر حدوث تدخل آخر من قبل البنك المركزي الأوروبي".

ارتفاع الطلب

رغم ذلك، تضخم الطلب على الأوراق المالية مرتفعة الجودة جراء التقلبات التي اجتاحت كافة أنحاء الأسواق العام الجاري. يتدفق المضاربون الذين يكافحون مساراً مقلقاً للتضخم وأسعار الفائدة على هذه الأوراق المالية لتجاوز العاصفة.

طالع أيضاً: كيف فشلت البنوك المركزية في التنبؤ بصدمة التضخم العالمية؟

ما زال تسعير سوق إعادة الشراء "الريبو" متقلباً إذ توفّق الأسواق أوضاعها مع التعديلات من قبل البنك المركزي الأوروبي، لكن رد الفعل يبدو حقيقة مختلفاً عما شوهد عقب صعود سابق بلغ 50 نقطة أساس في سعر الفائدة يوليو الماضي. بالتالي، كان ذلك يعود لأسعار عمليات إعادة الشراء "الريبو" بالدرجة الأولى للمعاملات التي تستعمل أوراقاً مالية معينة كضمان والتي بقيت منخفضة.

حالياً، امتدت هذه الديناميكية إلى الصفقات التي يمكن أن تستخدم مجموعة واسعة من الأوراق المالية الحكومية المختلفة في عمليات الإقراض، علاوة على المعاملات التي تستخدم الأوراق المالية الفرنسية والإيطالية بحسب "كوميرز بنك".

تدخلات البنوك المركزية

كانت أسعار الفائدة على عمليات الإقراض الأخرى، مثل سعر اليورو قصير الأجل، التي تقوم على تكاليف الاقتراض لليلة واحدة غير المضمونة للبنوك، تستجيب بشكل كامل لزيادة أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية، إذ أقرت ارتفاعاً بمقدار 74.5 نقطة أساس. كان بعض المحللين يساورهم القلق من أن الفارق بين سعر اليورو قصير الأجل وسعر الفائدة على ودائع البنك المركزي الأوروبي يمكن أن يتسع بصورة أكبر عند حدوث زيادة ضخمة، مما سيؤثر بطريقة أكبر على تحول السياسة النقدية.

فيليب لان
فيليب لان المصدر: بلومبرغ

قال كبير خبراء الاقتصاد في البنك المركزي الأوروبي، فيليب لان، عبر خطاب ألقاه الأربعاء إن سعر اليورو قصير الأجل كان "مهماً على وجه الخصوص"، نظراً لأنه يعزز المقاييس المستخدمة لتحديد توقعات السوق لسياسة البنك المركزي النقدية مستقبلاً، وأن المسؤولين "سيبقون أيضاً متيقظين للفارق بين أسعار الفائدة المختلفة للسوق المالية بالإضافة إلى مخاوف ندرة الضمانات.

طالع المزيد: تشدد المركزي الأوروبي يقفز باليورو لأعلى مستوى في ستة أشهر

قبيل صدور قرار البنك المركزي الأوروبي بإلغاء سقف سعر الفائدة على الودائع الحكومية بصورة مؤقتة، جرى تداول السندات الألمانية فئة سنتين بأكبر علاوة عائد لعقود المقايضات منذ سنة 2008. كان المضاربون يتأهبون لمغادرة السيولة النقدية الحكومية لخزائن البنك المركزي والذهاب إلى الأوراق المالية مرتفعة الجودة .

عقود المقايضة

في حين تراجعت هذه الضغوط، ما زالت هذه السندات يجري تداولها بأغلى سعر لها بمقابل عقود المقايضات خلال عقد. زادت أسعار الفائدة على عقود المقايضة من قبل الشركات والبنوك والمستثمرين الآخرين للتحوط ضد صعود أسعار الفائدة مستقبلياً.

ختاماً، قال محللون استراتيجيون في شركة آي إن جي غروب" (ING Groep) بمن فيهم أنطوان بوفيت برسالة للعملاء: "ما لم يتصدّ له البنك المركزي الأوروبي، رغم ذلك، هو النقص الأولي في الضمانات، وكان الخطاب الذي ألقاه لان أيضاً إشعاراً بأن مشكلات ندرة الضمانات ستستمر".