النفط الروسي يتسرب ببطء إلى خارج أوروبا مع اقتراب تطبيق العقوبات

الصادرات النفطية لموسكو تتقلص قبيل بدء سريان حظر الاستيراد

مستودعات النفط عند نقطة نقل وتسليم في حقل روسكوي للنفط الخام الثقيل، الذي تديره شركة "روسنفت"، في منطقة يامالو تينتيتس بشرق سيبيريا، بالقرب من نوفي أورينغوي في روسيا
مستودعات النفط عند نقطة نقل وتسليم في حقل روسكوي للنفط الخام الثقيل، الذي تديره شركة "روسنفت"، في منطقة يامالو تينتيتس بشرق سيبيريا، بالقرب من نوفي أورينغوي في روسيا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تتقلص صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً إلى أوروبا مع تبقي شهرين فقط على تطبيق عقوبات التكتل الموحد. كانت الشحنات خلال الأسابيع الماضية أكثر قليلاً من نصف مستويات ما قبل الغزو وستتعرض لضغوط متنامية مع اقتراب سريان حظر الاستيراد.

قلص العملاء في شمال أوروبا بصفة خاصة وارداتهم، الأقل من 300 ألف برميل يومياً في الوقت الحالي. ويبلغ ذلك تقريباً ربع الحجم المتداول بالمنطقة قبيل إرسال موسكو قواتها إلى أوكرانيا في أواخر فبراير الماضي، مما قلص إيرادات الكرملين.

في هذه الأثناء، يبدو أن تغيير مسار تدفقات النفط الخام من أوروبا إلى آسيا قد تعثر، ومنذ منتصف أغسطس، بدأ التراجع في التدفقات إلى أكبر 3 مشترين للبراميل الروسية، وهم الصين والهند وتركيا، التي تدخلت في بداية الأمر لسد الفجوة بعد أن شرع مشترون أوروبيون الابتعاد عن صادرات موسكو، وهبطت التدفقات المجتمعة لهذه الدول الثلاث في الأسابيع الأربعة حتى 23 سبتمبر بحوالي 460 ألف برميل يومياً من أعلى مستوى حققته قبل 5 أسابيع.

ربما تضيّق الأحجام على الناقلات، التي لم يتبين حتى الآن الوجهات النهائية لها، هذه الفجوة إلا أنها لن تقضي عليها بالكامل.

اقرأ أيضاً: روسيا ستقترح على "أوبك+" خفض إنتاج النفط مليون برميل يومياً

إيرادات أقل

تتعرض إيرادات روسيا لرياح غير مواتية أخرى نتيجة تراجع آخر في أسعار رسوم التصدير، والتي من المقرر أن تنكمش 15% في أكتوبر المقبل. وسينخفض الدخل لكل برميل إلى أدنى مستوياته منذ فبراير 2021 بما يعكس الهبوط في أسعار النفط الخام العالمية والخصم الآخذ في الاتساع بين خام أورال وخام برنت أثناء الفترة الممتدة من منتصف أغسطس الماضي إلى منتصف سبتمبر الجاري.

سيتم تعويض تراجع إيرادات رسوم التصدير من خلال مدفوعات توزيعات الأرباح. وأعلنت شركة النفط العملاقة "روسنفت" أرباحاً ستعود على المساهمين قدرها 432 مليار روبل (7.4 مليار دولار) في الفترة من يناير إلى يونيو الماضيين، بارتفاع 13.1% عن السنة الماضية، وتمتلك روسيا 40% من الشركة.

يهبط ​​دخل رسوم التصدير في الوقت الذي تحث فيه الولايات المتحدة مشتري النفط الروسي على الانضمام إلى اتفاق وضع سقف سعر سيوفر إمكانية الحصول على تغطية تأمينية وخدمات أساسية أخرى فقط في حال كان السعر المدفوع أقل من السقف الذي لم يتحدد بعد. في حين أنه من غير المرجح أن يوافق العملاء الكبار مثل الصين والهند وتركيا على الخطة، فإن سقف السعر قد يدعم قوتهم التفاوضية مع روسيا بالنسبة لعمليات الشراء في المستقبل.

تدفقات الخام بحسب الوجهة:

انتعش إجمالي الصادرات على مدى الأسبوع الحالي بينما ارتفعت التدفقات على أساس متوسط ​​4 أسابيع - وهي بيانات تخفف بعضاً من تفاوت البيانات الأسبوعية - في الفترة حتى 23 سبتمبر الجاري،

رغم ذلك، بقي الإجمالي أقل من 3 ملايين برميل يومياً للأسبوع الثاني، وهذه هي أول مرة منذ مارس الماضي التي يكون فيها مقياس الشحنات ذاك أقل من هذه العتبة لفترات متتالية.

لا تتضمن الأرقام كافة الشحنات المعروفة بأنها من نوع "كيبكو" (KEBCO) في كازاخستان، وهي الشحنات التي تنقلها شركة " كازترانس أويل" (KazTransoil) والتي تعبر روسيا للتصدير عبر مينائي أوست لوغا ونوفوروسيسك.

تُمزج البراميل الكازاخية مع خام من أصل روسي لإنشاء نوع تصدير متجانس، ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أعادت كازاخستان تسمية بضائعها لتمييزها عن تلك التي تشحنها الشركات الروسية. يعتبر هذا الخام المنقول عبر كازاخستان تحديداً معفياً من عقوبات الاتحاد الأوروبي على الشحنات الروسية المنقولة بحراً، والتي من المقرر أن يبدأ سريانها ديسمبر المقبل.

تدفقات الخام بحسب الوجهة:

أوروبا

زادت صادرات النفط الخام الروسية المنقولة بحراً لدول أوروبا في الأسابيع الأربعة حتى 23 سبتمبر، إذ صعدت بمقدار 18 ألف برميل يومياً، أو 2% مقارنة بالفترة حتى 16 سبتمبر. وعوضت التدفقات الكبيرة للمشترين في منطقتي البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود هبوطاً آخر في حجم الشحنات لشمال أوروبا. هذه الأرقام لا تتضمن الشحنات المتجهة لتركيا.

اقرأ أيضاً: تركيا تفاوض روسيا لتخفيض فاتورة واردات الطاقة ودفع المقابل بالليرة

انخفض حجم الشحنات من روسيا إلى شمال أوروبا على مدى الأسابيع الأربعة، مسجلاً مستوى متراجعاً جديداً للسنة الحالية. ووصل متوسط ​​التدفقات إلى 292 ألف برميل يومياً فقط خلال هذه الفترة، مع هبوط في حجم الشحنات المرسلة لصهاريج التخزين في روتردام، والذي كان أيضاً الأدنى خلال السنة الجارية إلى حد الآن.

هبطت الصادرات لدول البحر المتوسط ​خلال الأسابيع الأربعة حتى 23 سبتمبر الجاري، مع تراجع الشحنات إلى تركيا - وهو ما لم تشتمل عليه الأرقام الأوروبية في الجزء العلوي من هذا القسم – وتفوقت زيادة التدفقات إلى كرواتيا على الزيادة المشهودة في التدفقات لإيطاليا.

صعدت التدفقات المجتمعة إلى بلغاريا ورومانيا عقب تراجعها في كل من الأسابيع الثلاثة السابقة. رغم ذلك، تباطأت التدفقات لرومانيا، والتي كانت تبلغ نحو 120 ألف برميل يومياً قبيل غزو روسيا لأوكرانيا، إلى كميات ضئيلة للغاية.

آسيا

زادت الشحنات إلى عملاء روسيا الآسيويين، علاوة على السفن التي لم تتضح وجهتها النهائية، والتي عادة ما ينتهي بها المطاف في الهند أو الصين، لأعلى مستوياتها في 5 أسابيع. وتشير كافة الناقلات التي تحمل الخام لوجهات آسيوية غير محددة إلى بورسعيد أو قناة السويس، مع عدم ظهور نقاط التفريغ النهائية على الأرجح حتى تمر عبر الممر المائي إلى البحر الأحمر، على أقرب تقدير. ينتهي المطاف بغالبية هذه السفن في الهند، رغم توجه عدد متنامٍ إلى الصين خلال الأسابيع الماضية.

اقرأ أيضا: السعودية تخفض أسعار النفط لآسيا مع تراجع الطلب الإقليمي

الشحنات المتدفقة بحسب موقع التصدير

ارتفعت التدفقات الإجمالية للخام الروسي عقب أسبوعين من التراجع، إذ صعدت بمقدار 562 ألف برميل يومياً، أو 22% في الـ7 أيام حتى 23 سبتمبر، بالمقارنة بالأسبوع السابق. وتعافت التدفقات من مينائي بريمورسك وأوست لوغا على بحر البلطيق من مستويات هي الأدنى منذ بداية العام حتى تاريخه، بينما زادت شحنات البحر الأسود أيضاً. وتستبعد الأرقام وحدات الشحن من مينائي أوست لوغا ونوفوروسيسك المعروفة بأنها من نوع "كيبكو" الكازاخستانية.

إيرادات التصدير

انتعشت التدفقات النقدية الداخلة لصندوق الكرملين لتمويل الحرب من رسوم تصدير النفط الخام تماشياً مع أحجام الصادرات الأكبر، إذ صعدت لأعلى مستوياتها في 3 أسابيع مسجلة 154 مليون دولار في 7 أيام حتى 23 سبتمبر.

اقرأ أيضاً: إيرادات روسيا من الطاقة تنخفض لأدنى مستوى في 14 شهراً

من المقرر أن تتراجع أسعار رسوم التصدير مرة أخرى في أكتوبر المقبل، لتهبط 15% إلى 6.06 دولار لكل برميل. يعد ذلك أكبر انخفاض في 5 شهور وسينحدر بسعر البرميل لأدنى مستوياته منذ فبراير 2021. يعكس التراجع كلاً من هبوط أسعار خام برنت واتساع الخصم على خام جبال الأورال مقابل خام بحر الشمال القياسي. اتسع هذا الخصم خلال الفترة من منتصف أغسطس الماضي إلى منتصف سبتمبر الجاري ليبلغ 21.50 دولار للبرميل تقريباً، صاعداً من 18.70 دولار للبرميل تقريباً في الشهر السابق، بحسب تقديرات "بلومبرغ" باستخدام الأرقام المنشورة من قبل وزارة المالية الروسية.

تدفقات من المنشأ إلى الموقع

تظهر الرسوم البيانية التالية عدد السفن التي تغادر كل محطة تصدير ووجهات الشحنات الخام من مناطق التصدير الأربع.

كشفت بيانات تتبع الناقلات وتقارير وكلاء الموانئ أن 29 ناقلة جرى تحميلها بـ 21.7 مليون برميل من الخام الروسي في الأسبوع المنتهي في 23 سبتمبر الحالي. يعد ذلك ارتفاعاً بمقدار 3.9 مليون برميل، لأعلى مستوى في ثلاثة أسابيع. تعتمد الوجهات على المكان الذي تشير الناقلات بأنها متجهة إليه في وقت كتابة هذا التقرير، ومن المؤكد غالباً أن بعضها سيتغير مع مضي الرحلات قدماً. لا تتضمن كافة الأرقام الشحنات المعرفة على أنها من نوع كيبكو الكازاخية.

صعد الحجم الإجمالي للنفط الخام على السفن المحملة بالخام الروسي من محطات بحر البلطيق، متعافية بما يزيد قليلاً عن نصف تراجع الأسبوع السابق.

كما ارتفعت الشحنات من ميناء نوفوروسيسك في البحر الأسود، وعوضت غالبية التراجع الذي سجلته خلال الأسبوعين الماضيين.

اقرأ أيضاً: روسيا تزيد إنتاج النفط في يوليو مع تكثيف عمل المصافي المحلية

استمرت شحنات القطب الشمالي دون تغيير، إذ غادرت ناقلتان ميناء مورمانسك خلال الأسبوع المنتهي في 23 سبتمبر الجاري.

انخفضت تدفقات النفط الخام من محطات النفط الشرقية في روسيا خلال الأسبوع المنتهي في 23 سبتمبر الحالي. كانت 7 شحنات من خام "إسبو" وشحنة واحدة من خام "سخالين" المخلوط متجهة إلى الصين، مع عدم وجود شحنات متجهة إلى وجهات أخرى للأسبوع الثالث. ولم تكن هناك أي شحنات من خام "سوكول" منذ مايو الماضي لكن توجد ناقلتين قبالة المحطة حالياً.

ملاحظة: تمثل هذه القصة الخبرية جزءاً من سلسلة أسبوعية دورية لتعقب شحنات النفط الخام من محطات التصدير الروسية وعائدات رسوم التصدير التي جنتها الحكومة الروسية منها.

ملاحظة: عُدلت كافة الأرقام لاستبعاد الشحنات المملوكة لشركة "كازترانس أويل" الكازاخستانية، والتي تعبر روسيا وتُشحن من مينائي نوفوروسيسك وأوست لوغا.