مخاوف جديدة تضرب "كريدي سويس" في مختلف الأسواق

قيمة البنك هوت إلى أقل من 10 مليارات يورو.. وتكلفة تأمين ديون البنك ضد التخلف عن السداد عند أعلى مستوياتها على الإطلاق

لافتة فوق مدخل أحد فروع بنك كريدي سويس في جنيف، سويسرا
لافتة فوق مدخل أحد فروع بنك كريدي سويس في جنيف، سويسرا المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

غرق بنك "كريدي سويس" في فوضى جديدة بالسوق بعد أن جاءت محاولات الرئيس التنفيذي أولريش كورنر لطمأنة الموظفين والمستثمرين بنتائج عكسية، مما زاد من حالة عدم اليقين المحيطة بالبنك.

"كريدي سويس" يحاول طمأنة موظفيه بعد تكهنات بتغيير استراتيجيته

انخفض السهم، الذي فقد بالفعل أكثر من نصف قيمته هذا العام قبل عمليات البيع المكثفة يوم الاثنين، بنسبة تصل إلى 12% في تداولات زيورخ ليُسجّل بذلك مستوى قياسياً منخفضاً لتهوى قيمة البنك السوقية إلى أقل من 10 مليارات دولار. ورافق ذلك ارتفاع في تكلفة تأمين ديون البنك ضد التخلف عن السداد، والتي قفزت إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق.

يُشار إلى أن كورنر سعى للمرة الثانية خلال عدة أسابيع إلى تهدئة الموظفين والأسواق بمذكرة في وقت متأخر من يوم الجمعة تؤكد على سيولة البنك وقوة رأس المال. لكنها بدلاً من ذلك، حوّلت الانتباه إلى تحركات سهم المجموعة الدراماتيكية الأخيرة وفروق الائتمان، واندفع المستثمرون للتخلي عن سهم البنك مع إعادة فتح التداول بعد عطلة نهاية الأسبوع.

"كريدي سويس" يتكبّد خسائر فصلية بقيمة 1.6 مليار دولار في ضربة جديدة للتعافي

وقت حرج

وفي حين أقرّ بأنّ البنك كان في "لحظة حرجة"، إلا أن كورنر تعهد بإرسال تحديثات منتظمة للموظفين إلى أن يعلن البنك عن خطته الإستراتيجية الجديدة في 27 أكتوبر. وفي الوقت نفسه، أرسل "كريدي سويس" مرة أخرى نقاط نقاش إلى المديرين التنفيذيين الذين يتعاملون مع العملاء الذين طرحوا مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وفقاً لأشخاص على دراية بالموضوع.

وبالرغم من أنها مازالت بعيدة عن التعثر– وهي أيضاً جزء من عمليات بيع واسعة في السوق- إلا أنها تشير إلى تدهور التصورات حول الجدارة الائتمانية للبنك المتضرر من الفضيحة في البيئة الحالية. وتُقدِّر المقايضات الآن احتمالاً بنسبة 23% بأن البنك سيتخلف عن سداد سنداته في غضون 5 سنوات.

خسائر ملياردير عميل لدى "كريدي سويس" تقفز إلى 607 ملايين دولار مع اتهام البنك بالنصب

فضلاً عن ذلك، قال الأشخاص المطلعون الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم أثناء مناقشة المحادثات السرية إن بعض العملاء استخدموا الارتفاع في مقايضات التخلف عن السداد هذا العام لطرح الأسئلة أو التفاوض على الأسعار أو استخدام المنافسين.

امتنع متحدث باسم "كريدي سويس" عن التعليق.

مع ذلك، انتقلت بعض الشخصيات البارزة إلى موقع "تويتر" خلال عطلة نهاية الأسبوع لنفي بعض الشائعات التي تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي والتي أثارها اتساع فوارق مقايضات الائتمان، حيث وصفوها بأنها "تثير الرعب". وقد غرّد بواز وينشتاين من شركة "سابا كابيتال مانجمنت" (Saba Capital Management) "خذوا نفساً عميقاً" وقارن الوضع مع الفترة التي كان فيها المعروض من مقايضات الائتمان الخاصة ببنك "مورغان ستانلي" (Morgan Stanley) ضعف العرض في عامي 2011 و2012.

ضربات متتالية

يُذكر أن كورنر الذي عُيِّن في منصب الرئيس التنفيذي في أواخر يوليو، عليه التعامل مع مضاربات السوق، وخروج المصرفيين، والشكوك المتعلقة برأس المال في الوقت الذي يسعى فيه إلى تمهيد الطريق للبنك المتعثر الذي تضرر بسلسلة من الضربات المالية والسمعة. وقد أفادت بلومبرغ أن البنك يضع اللمسات الأخيرة على الخطط التي من المحتمل أن تشهد تغييرات شاملة في بنك الاستثمار التابع له، وقد تشمل إلغاء آلاف الوظائف على مدى عدد من السنوات.

"كريدي سويس" يراجع خططه طويلة الأجل لأعماله بالصين بسبب الخسائر

كما يُقدِّر المحللون في "كيه بي دبليو" (KBW) أيضاً أن المجموعة قد تحتاج إلى جمع 4 مليارات فرنك سويسري (4 مليارات دولار) من رأس المال حتى بعد بيع بعض الأصول لتمويل أية عمليات إعادة هيكلة، وجهود نمو، وظروف مجهولة.

انخفضت القيمة السوقية لبنك "كريدي سويس" إلى حوالي 9.5 مليار فرنك سويسري، مما يعني أن أي بيع للأسهم سيخفف حصة حاملي الأسهم القدامى. كانت القيمة السوقية أعلى من 30 مليار فرنك مؤخراً في مارس 2021.

في هذا الصدد، ذكر المسؤولون التنفيذيون في البنك أن نسبة رأس المال الأساسي من المستوى الأول البالغة 13.5% في 30 يونيو كانت في منتصف النطاق المخطط له البالغ 13% إلى 14% لعام 2022. وذكر التقرير السنوي للبنك لعام 2021 أن النسبة التنظيمية الدولية الدنيا كانت 8%، في حين طلبت السلطات السويسرية مستوى أعلى يبلغ نحو 10%.

تدقيق وثيق

يواصل المنظمون في كل من المملكة المتحدة وسويسرا، الذين يراقبون عن كثب بنك "كريدي سويس" منذ خسارة "أركيغوس كابيتال" (Archegos Capital) التي تقدر بمليارات الدولارات في عام 2021، متابعة استقرار البنك، وفقاً لأشخاص على دراية بالموضوع.

دويتشه بنك: "كريدي سويس" يواجه عجزاً رأسمالياً بـ4 مليارات دولار

ورفض المتحدثون الرسميون باسم هيئة التنظيم الاحترازية في المملكة المتحدة وهيئة الإشراف على السوق المالية السويسرية "فينما" التعليق.

حالة "دويتشه بنك"

الجدير بالذكر أنّ محللي "كيه بي دبليو" كانوا آخر من أجرى مقارنات مع أزمة الثقة التي هزت "دويتشه بنك" قبل ستة أعوام. ففي ذلك الوقت، كان البنك الألماني يواجه أسئلة واسعة حول استراتيجيته وكذلك مخاوف على المدى القريب بشأن تكلفة تسوية لإنهاء تحقيق أميركي يتعلق بالأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري. وشهد "دويتشه بنك" ارتفاع مقايضات التخلف عن سداد الائتمان، وخفض تصنيف ديونه وتراجع بعض العملاء عن العمل معه.

إلا أنّ التوتر خفّ على مدى عدّة أشهر حيث تمكن البنك الألماني من إجراء التسوية على رقم أقل مما كان يخشاه الكثيرون، وجمع حوالي 8 مليارات يورو (7.8 مليار دولار) من رأس المال الجديد وأعلن عن تجديد الاستراتيجية. ومع ذلك، فإن ما أسماه البنك "الحلقة المفرغة" من انخفاض الإيرادات وارتفاع تكاليف التمويل استغرقت سنوات للتراجع.

"كريدي سويس" ينفي عزمه التخارج من السوق الأميركية

وهناك اختلافات بين الحالتين؛ إذ لا يواجه "كريدي سويس" أية مشكلة قريبة من نطاق تسوية "دويتشه بنك" البالغة 7.2 مليار دولار، كما أن نسبة رأس ماله الرئيسية البالغة 13.5% أعلى من نسبة 10.8% التي كانت لدى البنك الألماني قبل ست سنوات.

في الواقع، نتج الضغط الذي واجهه "دويتشه بنك" في عام 2016 عن ديناميكية غير عادية حيث تجاوزت تكلفة التأمين ضد الخسائر على ديون البنك لمدة عام تكلفة الحماية لمدة خمس سنوات. وما تزال مقايضات "كريدي سويس" لمدة سنة واحدة أرخص بكثير من مقايضات الخمس سنوات.

وفي الأسبوع الماضي، قال "كريدي سويس" إنه يعمل على عمليات بيع محتملة للأصول والأعمال كجزء من خطته الاستراتيجية التي سيُكشف النقاب عنها في نهاية أكتوبر. ويستكشف البنك صفقات لبيع وحدته لتداول المنتجات الموّرقة، كما يفكر في بيع عمليات إدارة الثروات في أميركا اللاتينية باستثناء البرازيل، ويفكر في إحياء اسم العلامة التجارية "فيرست بوسطن" (First Boston)، حسبما أفادت بلومبرغ.

"كريدي سويس" يعتزم بيع أصوله في محاولة لخفض التكاليف واستعادة الربحية

كما قرر البنك أمس تأجيل زيادة رأس المال لصندوق عقاري وسط تقلبات عالية في السوق. حيث يردّد التأجيل صدى فترة صعبة قبل عام مضى وذلك بعد فضائح "غرينسيل" (Greensill) و"أركيغوس" حيث أبطأ البنك إصدار الصناديق الجديدة بينما يسيطر على رغبته في المخاطرة.