وقف طباعة عملات الميم يترك "بتكوين" خارج الخدمة ويربك المستثمرين

سياسة "الاحتياطي الفيدرالي" تهوي بسعر أكبر عملة رقمية بنحو 50%

ميم "طابعة النقود التي لا تتوقف"
ميم "طابعة النقود التي لا تتوقف" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دارت واحدة من أكثر الميمات شيوعاً في عالم العملات المشفرة خلال جائحة كورونا، حول قيام الاحتياطي الفيدرالي "بطباعة" كمية لا حصر لها من الدولارات -"طابعة النقود التي لا تتوقف" بلغة تويتر- وكيف عزز ذلك من قيمة بتكوين، والتي تشتمل على عدد محدد من الرموز المميزة.

أما الآن فقد توقفت الطابعة التي يُضرب بها المثل، مع لجوء البنك المركزي إلى رفع الأسعار ليتحطم بذلك سعر أكبر عملة رقمية بأكثر من 50% هذا العام، مما يترك المستثمر العادي غير آبه بما إذا كانت هناك كمية محدودة من بتكوين.

طالع المزيد: "بتكوين" تفقد الزخم وسط التوقعات باستمرار رفع الفائدة

يعود السبب وراء تقلص عملات الميم إلى الانخفاض الحاد في عرض النقود، أو M2، وهو مقياس لمقدار الأموال في النظام المالي الأميركي.

أصول محفوفة بالمخاطر

قال آرت هوغان، كبير استراتيجيي السوق في شركة "بي رايلي" (B. Riley) في مقابلة أُجريت معه: "المنطق يقول إنه مع انخفاض عرض النقود، أو M2، هناك القليل من الأموال التي يمكن أن تجد طريقها إلى الأصول ذات المخاطر، ومن الواضح أن العملات المشفرة قد أثبتت أنها أصول محفوفة بالمخاطر على مدار الـ 12-18 شهراً الماضية. ومن المفترض أن يكون ذلك سلبياً بالنسبة لبعض الأوجه الأكثر خطورة في عالم الاستثمار".

لقراءة المزيد: هبوط مؤلم لأسعار عملات "الميم" المشفرة يثير إحباط أنصارها

طابعة النقود التي لا تتوقف – آرون أبريل 2020.

ليس هذا ما كان من المفترض أن تكون عليه الأمور. فقد نشأت بتكوين في خضم الأزمة المالية لعام 2008 استجابة لما وُصِف بتفشي طباعة النقود. وكان الاعتقاد السائد هو أنه نظراً لمحدودية العرض -بحد أقصى 21 مليون قطعة نقدية– فإنها ستحافظ على قيمتها بشكل أفضل عندما تقوم البنوك المركزية أو الحكومات بوضع سياسات نقدية ومالية فضفاضة؛ حيث جادل أنصار العملة بأن قيمتها لن تنخفض في مثل هذه البيئة.

بسبب هذا العرض المحدود، تشكلت عدة روايات حول العملة، بما في ذلك أنها تحوط من التضخم ومخزن آمن للقيمة. إلا أن هوغان يرى أن عام 2022 أثبت خلاف ذلك، موضحاً أن: "هذه هي المشكلة الحقيقية؛ فإذا كنت ستزيل بعضاً من المعروض النقدي الذي يمكن أن يجد طريقه ظاهرياً إلى الأصول الأكثر خطورة، فمن الواضح أنها جميعها ستفقد بعض الدعم".

لقراءة المزيد: آلت إلى "زومبي".. المتداولون يهجرون 12100 رمز وعملة مشفّرة

ليست وسيلة للتحوط من التضخم

من جانبها تشير لورين غودوين، الخبيرة الاقتصادية واستراتيجية المحفظة في شركة "نيويورك لايف إنفستمنتس" (New York Life Investments)، إلى سوق الذهب كمثال شبيه، حيث كان المستثمرون ينظرون إلى الذهب بطريقة مماثلة- كتحوط البنك المركزي. وعندما لجأت البنوك المركزية إلى التيسير الكمي، أثار ذلك القلق بشكل أكبر بحيث نشأت بيئة يكون فيها التضخم أكثر عرضة للتفاقم. وعندما يحدث ذلك، تشدد البنوك زمام الأمور وتتطور أسعار الذهب حول هذه الديناميكية.

طالع أيضاً: الذهب ينخفض 1.5% مع تزايد غموض موقف "الفيدرالي الأميركي"

قالت عبر الهاتف: "طُبِّق هذا المنطق بشكل أساسي على العملات المشفرة في السنوات الخمس أو العشر الماضية، لكن الحقيقة هي أن العملة المشفرة ليست هي وسيلة للتحوط من التضخم، بل تتطور مع سيولة البنك المركزي، وذلك على غرار الذهب إلى حد كبير، لذا فإن عكس السيولة الزائدة في الاقتصاد من الاحتياطي الفيدرالي والبنوك المركزية الأخرى قد ساهم بشكل رئيسي من وجهة نظري في انخفاض الإقبال على العملات الرقمية".

باول: عكس التحفيز الفدرالي في وقت مبكر جداً قبل أن يكون بمقدور عدد كافٍ من الأميركيين العودة إلى العمل يمكن أن يكون ضاراً. بمعنى أننا "لن نشدد الحافز أبداً لأن التوظيف الكامل لن يكون ممكناً أبداً، وهنا تأتي طابعة النقود التي لا تتوقف". - بريزي هودل، 27 أغسطس 2021.

طيف المخاطر

من جانبه، قال إيلان سولوت، الشريك في شركة استثمار العملات المشفرة "تاغوس كابيتال" (Tagus Capital)، إن العلاقة بين M2 وبتكوين يمكن تفسيرها بعاملين على الأقل؛ حيث يتعلق الأول بمكان وجود بتكوين والعملات المشفرة في طيف المخاطر، فمزيد من السيولة في النظام المالي يفيد عموماً الأصول ذات المخاطر العالية.

أضاف: "ارتفاع المعروض النقدي ميكانيكياً يعني ارتفاع قوارب النجاة، وبتكوين هي إحدى هذه القوارب".

لكن الثاني يتعلق بتوقعات التضخم والسياسة النقدية؛ فعندما ارتفع المعروض النقدي العام الماضي، توقع المشترون أن تتبعه الأسعار قريباً، مما دفع بعض مؤيدي العملات المشفرة إلى شراء العملات المشفرة مع فكرة أنها تحوط من التضخم.

طالع أيضاً: "بتكوين" تقود خسائر العملات المشفرة وسط حالة ذعر تضرب الأسواق العالمية

قال سولوت إن بعض هؤلاء المستثمرين يراهنون على أن الاحتياطي الفيدرالي لن يرفع أسعار الفائدة بما يكفي لمكافحة التضخم، وأنه سيعطي الأولوية لعوامل أخرى مثل النمو الاقتصادي. لكن لم يُنفّذ هذا السرد، حيث أصدر رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول ثلاث زيادات متتالية بمقدار 75 نقطة أساس هذا العام، وأشار إلى أن هناك المزيد في المستقبل.

أدى الانخفاض في المعروض النقدي إلى جعل أحد الأصول مثل "بتكوين" أقل جاذبية للمستثمرين- حتى أولئك الذين رأوا أنه تحوط ضد التضخم. إذ يقول سولوت: "لا ترغب في شراء التأمين عندما يكون المنزل قد احترق بالفعل".