تخارج الشركات الأجنبية مصدر جديد لتمويل موازنة روسيا

العلم الروسي فوق سفارة روسيا في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأميركية
العلم الروسي فوق سفارة روسيا في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة الأميركية المصدر: أ.ف.ب / غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يوفر الكرملين للشركات الأجنبية طريقاً للخروج من روسيا، لكن بمقابل يساعد في دعم موازنة البلاد في ظل تزايد نفقات الحرب.

أصبح من الواجب على الشركات الساعية لبيع أصولها الروسية دفع مساهمة إلزامية في الموازنة حتى لو تخلصت منها مقابل مبلغ رمزي أو بلا مقابل، وبموجب قواعد طُرحت الأسبوع الماضي؛ يجب التبرع بما يعادل 10% على الأقل من القيمة السوقية للشركة في حال عرضها البائع بخصم 90% أو أكثر.

عملياً، يتحمل المشترون المحليون للأصول تكلفة التبرع للموازنة ضمن أي صفقة مع الشركات الأجنبية، بحسب أشخاص على دراية بشروط الصفقات الأحدث، والذين طلبوا عدم الإفصاح عن هوياتهم لسرية المعلومات.

ضريبة الخروج.. ورد الفعل الأميركي

تتحسس الشركات الدولية من هذا الإجراء لحرصها على تفادي أي اعتقاد بأنَّها ربما تساهم بتمويل حرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فيما تبذل قصارى جهدها لمغادرة البلاد في رد على غزو أوكرانيا.

وجّهت الولايات المتحدة الشركات الأميركية المنخرطة في اتفاقيات بيع "تشمل دفع هذا النوع من ضريبة الخروج" إلى ضرورة الحصول على ترخيص معين من مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة الأميركية حتى تحقق الامتثال لقواعد العقوبات على روسيا.

الإنفاق الحربي والسري يلتهم ميزانية روسيا

مضى أكثر من عام منذ منع بوتين الشركات الأجنبية من بيع أصولها في روسيا دون موافقة من لجنة حكومية خاصة، في رد على عقوبات دولية لم يسبق لها مثيل جراء حربه في أوكرانيا. ألزمت القواعد الموضوعة في ديسمبر الماضي الشركات ببيع أصولها بخصم 50% على الأقل من قيمتها السوقية، حيث سعت روسيا إلى كبح تدافع الشركات الأجنبية نحو الخروج من البلاد.

كشفت بيانات من وكالة "أيه كيه أند أم" (AK&M) الروسية أنَّ السنة الماضية شهدت بالمجمل إبرام 109 صفقات من هذا القبيل، إذ غادرت السوق الروسية شركات من بلدان مثل الولايات المتحدة وفنلندا وجمهورية التشيك وفرنسا وألمانيا وقبرص والسويد.

حتى الآن في هذا العام الجاري، شملت الصفقات بيع فندق "ويناس روسيا" (Wenaas Russia) النرويجي لشركة "سيستيما غروب" (Sistema Group) مقابل 200 مليون يورو، وبيع 11 مصنعاً تابعاً لشركة "هينكل أيه جي أند كو" والعمليات الروسية بشركة "نوكيان تايرز"، التي قال متحدث باسمها: "لم ولن تسدد (نوكيان تايرز) أي تعويض للحكومة الروسية يرتبط بمغادرة روسيا، وأي ضرائب محتملة يتحملها المشتري".

عجز الموازنة محط تركيز الحكومة بعد التكيف مع العقوبات

مع بدء الاقتصاد الروسي التكيف تدريجياً مع صدمة العقوبات؛ تنقل الحكومة تركيزها لسد عجز الموازنة في ظل هبوط إيرادات مبيعات الطاقة بعد فرض سقف أسعار النفط من قبل مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى والاتحاد الأوروبي وانخفاض صادرات الغاز لأوروبا.

وكالة الطاقة: سقف الأسعار يهبط بعوائد نفط روسيا لأدنى مستوى في عام

وفقاً للقواعد المعدلة المستحدثة في مارس الماضي، ينبغي تقديم مساهمة بالموازنة نسبتها 10% على الأقل من القيمة السوقية المخفضة للأصول للمصادقة على أي صفقة. تزداد النسبة لـ10% من القيمة السوقية الكاملة إذا قدم الطرف البائع خصماً على قيمة الأصل نسبته 90% أو أكثر.

رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"

"ستغلق القواعد الجديدة على الأرجح ثغرة سمحت لأطراف الصفقة بالحد من مساهمتهم في الميزانية عن طريق تحديد سعر صفقة منخفض بصورة وهمية. أما الآن؛ فلم يعد من الممكن خفض السعر الحقيقي للصفقة بعد تحديد نسبة المساهمة على أساس القيمة العادلة للأصل، التي سيقدرها طرف ثالث مستقل من قائمة بيضاء أعدتها وزارة المالية". - ألكسندر إيساكوف خبير اقتصادي روسي

من المتوقَّع أن تسجل الموازنة الروسية عجزاً يبلغ 2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة الجارية. في حال اقترب حجم مبيعات أصول الشركات الأجنبية من إجمالي السنة المنصرمة الذي تراوح بين 15 و20 مليار دولار، فقد تجمع الحكومة ما يتراوح بين 110 و150 مليار روبل إضافية (ما يعادل 1.4 إلى 1.9 مليار دولار أميركي) خلال 2023 بموجب القواعد الجديدة، بحسب تقديرات "بلومبرغ إيكونوميكس".

حرب أوكرانيا تُفاقم أزمة نقص العمالة في الاقتصاد الروسي

تشكّل القواعد الجديدة "توضيحاً لآلية التخارج من الأصول في روسيا علاوة على صيغة حسابية" لجعل العملية أكثر جلاء للمستثمرين الأجانب الذين يغادرون البلاد، والطرف المشتري لأصولهم، بحسب أندريه فورونين، رئيس مجلس الخبراء المختص بحوكمة الشركات في معهد الاقتصاد التابع للأكاديمية الروسية للعلوم. اختتم بقوله: "أنا لا أسمي هذه (القواعد) عقوبة".