تمهلوا قبل ضم المحيطات إلى معركة تغير المناخ

بحث جديد يحدد صعوبات احتجاز الكربون من المحيطات وشركات ناشئة في المجال تبحث عن تمويل

الشمس تغرب خلف نموذج "الأرض العائمة" في ويغان، إنجلترا
الشمس تغرب خلف نموذج "الأرض العائمة" في ويغان، إنجلترا المصدر: غيتي إيمجز
 Lara Williams
Lara Williams

Lara Williams manages Bloomberg Opinion's social media channels.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نسعى لإصلاح الضرر الذي سببناه لكوكبنا، ونتفق عموماً على أننا لن نكتفي بخفض كمية الانبعاثات الكربونية في المستقبل فحسب؛ بل سنحتاج إلى احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه بشكل دائم في مكان آخر أيضاً. وهنا يبرز المحيط كمقصد مناسب لهذا الأمر.

المحيط هو أضخم بالوعة كربون في العالم، حيث يحتوي على ثاني أكسيد الكربون بكمية أكبر بخمسين مرة من الموجودة حالياً في الهواء. وبينما قد يضيع حريق واحد في الغابات جهود عقود، إن لم تكن قرون، من احتجاز الكربون في إحدى الغابات، إلا أن الكربون المُخزن في المحيط أقل عرضة لخطر ما يطلق عليه علماء الصواريخ "التفكك السريع غير المتوقع". وفيما نتطلع لاحتجاز مليارات الأطنان من الانبعاثات القديمة من الهواء، سيظهر نفع الحجم الهائل للمحيطات، التي تغطي 70% من سطح كوكب الأرض.

اكتسب احتجاز ثاني أكسيد الكربون بالاعتماد على المحيطات زخماً كبيراً، في ظل وجود مئات الشركات الناشئة الباحثة عن تمويل. لكن بحثاً جديداً أجرته منظمة "كربون 180" (Carbon180) غير الهادفة للربح، يكشف أن مخاطر القطاع تفوق المعرفة العلمية واللوائح التنظيمية.

تحديات كبرى

أخبرتني سيفانغ تشن، كاتبة التقرير، أنه نظراً لزيادة عدم اليقين، هناك احتمال للاستخدام غير المسؤول لمشروعات احتجاز الكربون، وأن علينا التأكد من اتخاذ إجراءات وقائية.

يوضح التقرير 4 تحديات كبرى تواجه احتجاز الكربون من المحيطات، وهي: ضآلة قاعدة المعلومات، ونقص الحوكمة، والآثار البيئية والاجتماعية غير المؤكدة، والافتقار إلى التطور في عمليتي الرصد والتحقق. لذلك يجب على الحكومات وضع سياسات تساعد على تقدم البحوث في تلك الشؤون ومنع وقوع ضرر أكبر بالنظم البيئية للمحيطات، التي تعاني من وضع هش بالفعل نتيجة لتدخل الإنسان.

هل يحل احتجاز الكربون من خلال الأعشاب البحرية أزمة المناخ؟

يحتجز المحيط أطناناً من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، إلى جانب امتصاصه نحو 30% من الانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري حتى الآن. ويمكننا دعم تلك العملية الطبيعية عبر تجديد البيئات والأنواع التي تعيش في المحيطات وحمايتها. لكن الأرجح أننا سنحتاج لأساليب خاصة لاحتجاز الكربون، ومنها:

  • الاحتجاز من المحيط مباشرة: هي عملية تشابه الاحتجاز من الهواء مباشرة، لكن بدلاً من احتجاز ثاني أكسيد الكربون من الهواء، سنحتجز الغاز من مياه البحر.
  • تسميد المحيط وزراعة الأعشاب البحرية: يعتمد هذان الأسلوبان على تسخير طاقة التمثيل الضوئي لزيادة امتصاص الكربون في الطحالب –سواء كانت بحرية أو عوالق نباتية- قبل تصريف الكتلة الحيوية وتخزينها في قاع البحر.
  • زيادة قلوية المحيط: يستخدم هذا الأسلوب المعادن أو التفاعلات الكهروكيميائية لزيادة قلوية المحيط، ما سيرفع قدرة المحيط على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الهواء.

حساب الكمية المحتجزة

كلٌّ من تلك التقنيات لها منافعها ومخاطرها وسلبياتها الفريدة، وما زال العلماء يحاولون استيعابها بشكل كامل. وبينما يسهل حساب كمية ثاني أكسيد الكربون التي احتجزها أحد مرافق الاحتجاز بالمحيط مباشرة وخزنها، عبر عملية تعرف باسم "القياس والإبلاغ والتحقق" (MRV)، إلا أن ضخ المياه عبر نظام الرصد يستهلك قدراً هائلاً من الطاقة.

الإمارات تحث على تسريع تطبيق تقنيات احتجاز الكربون عالمياً

أما عملية "القياس والإبلاغ والتحقق" لزيادة قلوية المحيط، فهي أكثر صعوبة، لكنها قد تساعد على معالجة مشكلة تحمّض المحيطات، وهو أحد الآثار الضارة الناتجة عن أزمة تغير المناخ.

ويشكل التطبيق السليم لعملية "القياس والإبلاغ والتحقق" ضرورة للتأكد من الأثر الإيجابي لتلك التقنيات على المناخ. لكنه أحد جوانب احتجاز الكربون من المحيطات الذي يعاني فجوة كبيرة في المعلومات.

أسس ديفيد هو، أستاذ علم المحيطات بجامعة هاواي، "سي ورثي" (CWorthy)، وهي منظمة غير هادفة للربح، لوضع طرق لقياس عملية "القياس والإبلاغ والتحقق" لمجموعة متنوعة من أساليب احتجاز الكربون من المحيطات، وهي عملية معقدة. ويوضح "هو" أن المحيط هو نظام مفتوح كبير، وقد يستغرق احتجاز الكربون من المحيطات فترات طويلة، ما يجعل تقييم الأمر صعباً.

تركيز مفرط على الكربون

أشار فاسيليس كيتيديس من شركة "بي إم إل أبليكاشنز" (PML Applications)، الذراع التجارية لمنظمة "بلايموث مارين لابوراتوري" (Plymouth Marine Laboratory)، بأن الحديث يركز على ثاني أكسيد الكربون بشكل أكبر من اللازم. فبعض أساليب احتجاز الكربون من المحيطات، لا سيما المعتمدة على زيادة الكتلة الحيوية، قد تؤدي لزيادة انبعاثات غازات دفيئة أقوى، مثل الميثان وأكسيد النيتروز.

وقال كيتيديس: "قد ينتهي بك المطاف في وضع معاكس، تخزن فيه الكربون لكنك تساهم في الاحترار العالمي". وذلك تذكير بأن هناك عالم كامل من المجهول يجب قياسه قبل استبعاد أي وسيلة على نطاق واسع.

كم سننفق أكثر لإنقاذ الأرض؟

كما شدد بحث "كربون 180" أيضاً على أهمية مشاركة المجتمعات الساحلية. على سبيل المثال، تُجري "بلانتيري تكنولوجيز" (Planetary Technologies)، وهي شركة كندية لاحتجاز الكربون من المحيطات، تجربة لزيادة قلوية المحيط في كورنوول، إنجلترا. لكنها واجهت احتجاجات وانتقادات من المجتمع المحلي، حيث تتضمن التجربة إضافة هيدروكسيد المغنسيوم إلى المحيط عبر أنبوب لمياه الصرف.

لم يقلق "هو" ولا كيتيديس، الذي عمل مراقباً مستقلاً لدى الشركة الناشئة، حيال الآثار البيئية لاستخدام تلك الكميات الضئيلة من المادة الكيميائية، فهي تستخدم على نطاق واسع في مضادات التعرق ومعالجة مياه الصرف. لكن شك أهالي المنطقة في التجارب هو أمر مفهوم.

دافع للتوسع

هناك دافع للشركات على التوسع السريع، لتتمكن من الحصول على أرصدة كربون في السوق وتبدأ في تحقيق عائدات للمستثمرين. كما يمكن أن يساعد التمويل الحكومي على معالجة تلك القضية، حيث يمكن للشركات الناشئة التعلم دون الشعور بالحاجة إلى مبلغ تعويضي. يقدم برنامج "مراكز احتجاز الكربون من الهواء مباشرة" (Direct Air Capture Hubs) في الولايات المتحدة نموذجاً يشمل 3.5 مليار دولار لتطوير مرافق كبيرة الحجم.

يجب أن يولي الجميع الأولوية القصوى للحد من انبعاثات الكربون بشكل سريع. لكن التطبيق الصحيح لاحتجاز ثاني أكسيد الكربون بالاعتماد على المحيطات قد يساعدنا على تصحيح بعض أخطاء الماضي. وكما جاء في بحث "كربون 180": "كي نتمكن من احتجاز ثاني أكسيد الكربون بالاعتماد على المحيطات عند الحاجة إليه في المستقبل، علينا أن نبدأ الآن بسد الفجوة الحالية في المعلومات".