صعود الأسهم الأميركية يتواصل متجاوزاً هوس الذكاء الاصطناعي

متعاملون في قاعة التداول في بورصة نيويورك، يوم الجمعة 26 أغسطس 2022. يوم جديد من المكاسب القوية شهدته الأسهم الأميركية الجمعة 21 أكتوبر 2022
متعاملون في قاعة التداول في بورصة نيويورك، يوم الجمعة 26 أغسطس 2022. يوم جديد من المكاسب القوية شهدته الأسهم الأميركية الجمعة 21 أكتوبر 2022 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

استمر ارتفاع الأسهم الأميركية مدفوعاً بزخم يحيط بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ويمتد متجاوزاً قطاع التكنولوجيا، ومتحدياً من يشككون بذلك، وسط مشاعر القلق من بلوغ السوق مرحلة تشبع شرائي.

ساهم في صعود الأسهم زيادة الرهان على أنَّ الاحتياطي الفيدرالي سوف ينتهي من دورة التقشف النقدي عاجلاً وليس آجلاً حتى يمنع ركود الاقتصاد، مما أدى إلى تجاوز مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" مستوى 4400 نقطة، وارتفاعه لليوم السادس على التوالي.

واصل مؤشر "داوجونز الصناعي" تقدّمه، مسجلاً 20% ارتفاعاً عن أدنى مستوى له في سبتمبر الماضي، بينما أغلق مؤشر "ناسداك 100" تعاملات الخميس عند أعلى مستوى له منذ مارس 2022.

قفز سهم "مايكروسوفت" إلى مستوى قياسي بعد أن كشفت الشركة عن استمرارها في طرح منتجات تقوم على الذكاء الاصطناعي في الأشهر الأخيرة.

الذكاء الاصطناعي يعيد "تايوان لأشباه الموصلات" لعتبة نصف تريليون دولار

قادت شركة "لينار" (Lennar Corp) صعوداً لأسهم شركات البناء، مدعوماً بتوقُّعات متفائلة.

حلّق سهم سلسلة المطاعم "كافا غروب" (Cava Group) في أول يوم من تداوله، بينما قفزت أسهم "دلتا إيرلاينز" للجلسة الـ15 على التوالي بعد أن صوّت مجلس إداراتها تأييداً لعودة صرف الكوبونات الفصلية.

ارتفع مؤشر على حركة الأسهم الصينية المدرجة بالولايات المتحدة مع توقُّعات بأن تطرح بكين حزمة تحفيزية بهدف تنشيط الاقتصاد.

الحماس في "وول ستريت" سيواجه اختباراً كبيراً يوم الجمعة، عندما تبلغ كمية هائلة من عقود الخيارات المرتبطة بالأسهم والمؤشرات نهاية المدة. هذا الحدث، المعروف باسم "انتهاء صلاحية عقود الخيارات" (OpEx)، عادة ما يضطر المستثمرين إما إلى تمديد مراكزهم القائمة أو أن يبدأوا مراكز استثمارية جديدة. وينطوي ذلك عادة على تعديلات في المحفظة تؤدي إلى زيادة حجم التداول وتقلبات مفاجئة في الأسعار.

استمرت الأسهم في جذب الاهتمام بعد أن تجاوز المؤشر المعياري بالولايات المتحدة عتبة السوق الصاعدة الأسبوع الماضي، مرتفعاً بما يزيد على 20% عن أدنى مستوى له في أكتوبر.

استمر المستثمرون في شراء الأسهم حتى بعد أن تجاوز مؤشر القوة النسبية لمدة 14 يوماً على مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" مستوى 70 نقطة، وهو ما يعتبره بعض المستثمرين علامة على بلوغ السوق مرحلة التشبع الشرائي.

قال آرثر هوجان، رئيس استراتيجية السوق في شركة "بي رايلي ويلث" (B. Riley Wealth): "تحدّت الأسهم الأميركية المشككين، وارتفعت هذا العام في مواجهة انهيار البنوك، ومخاوف مستمرة من ركود الاقتصاد، وتباطؤ متوقَّع في أرباح الشركات. من جانبنا، نفترض أنَّ صورة التضخم سوف تتحسن في النصف الثاني من العام".

اتساع السوق

اتسعت السوق بشكل ملحوظ، وأظهرت قطاعات متعددة مؤشرات قوة نسبية بدرجة أعلى، وفقاً لدان وانتروبسكي من شركة "جاني مونتغمري سكوت" (Janney Montgomery Scott).

كتب وانتروبسكي: "برغم كل ذلك؛ يتزايد القلق من أنَّ مؤشرات الأسهم القائدة مثل مؤشري "ناسداك 100" و"ستاندرد آند بورز 500" ما تزال في منطقة تشبع شرائي في المدى القصير. وفي حين نتفهم أنَّ حالة التشبع الشرائي هذه يمكن أن تستمر لبعض الوقت؛ فإنَّنا ندرك أيضاً أنَّ البيانات التاريخية توضح أنَّها لا يمكن أن تستمر إلى أجل غير مسمى".

يقول وانتروبسكي إنَّه ما يزال هناك "احتمال كبير" للتراجع مستقبلاً في فترة ما بعد يونيو.

في الواقع، يواجه صعود الأسهم تهديداً جديداً خلال الأسابيع القليلة المقبلة مع استعداد أكبر صناديق إدارة الأموال في العالم لبيع أسهم تصل قيمتها إلى 150 مليار دولار. يتوقَّع مصرف "جيه بي مورغان تشيس" أن تميل محافظ الأموال للعودة إلى السندات للوفاء بأهداف توزيع الاستثمارات، في أكبر عملية لإعادة التوازن إلى هذه الفئة من الأصول منذ الربع الأخير من عام 2021.

يمكن أن تؤدي عملية إعادة التنظيم الدورية للمحافظ إلى الإطاحة بما يصل إلى 5% من أسعار الأسهم العالمية، وفقاً لتقديرات المحلل الاستراتيجي في بنك "جيه بي مورغان" نيكولاوس بانيجيرتزوغلو.

قفزت أسعار السندات يوم الخميس، مع انخفاض العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات سبع نقاط أساس إلى 3.71%. وتراجع الدولار بأكبر قدر منذ فبراير، بينما ارتفع اليورو بعد رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى، ووصفت رئيسة البنك كريستين لاغارد زيادة أخرى في يوليو القادم بأنَّها "مرجحة بشدة".

تأتي هذه الخطوة بعد يوم واحد من وقف مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي سلسلة رفع أسعار الفائدة، ولكنَّ تكاليف الاقتراض سوف ترتفع أكثر مما كان متوقَّعاً في السابق، بسبب ما وصفه الرئيس جيروم باول بالتضخم المستمر بشكل مدهش وقوة سوق العمل.

وقفة مرتبكة

قال ريتشارد كلاريدا، نائب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي سابقاً، إنَّ البنك الآن يتخذ قراره "معتمداً على البيانات"، وذلك قبل أن يقرر زيادة أخيرة محتملة في تكاليف الاقتراض بالولايات المتحدة الشهر المقبل.

قال كلاريدا لتلفزيون "بلومبرغ" يوم الخميس: "اتخذ البنك قراراً يمكن أن أسميه وقفة مرتبكة، ولكنَّها تقشفية ومتشددة". ويعمل كلاريدا حالياً مستشاراً اقتصادياً عالمياً في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" (Pacific Investment Management).

الاقتصاد الأميركي صامد، لكنَّه يفقد قوته الدافعة.

برغم أنَّ زيادة مبيعات التجزئة الشهر الماضي تجاوزت تقديرات جميع المحللين تقريباً؛ فإنَّ التقرير قد أظهر أيضاً تراجع طلب المستهلكين عن مستوى العام الماضي. وأظهرت بيانات منفصلة أنَّ إنتاج المصانع ظل بطيئاً، وأنَّ طلبات الحصول على إعانات البطالة ظلت عند أعلى مستوى منذ أواخر عام 2021.

على صعيد آخر، انتعشت أسعار النفط حيث فاق الطلب القوي في الصين المخاوف المتعلقة بمزيد من رفع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وتم تداول العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط بالقرب من 70 دولاراً للبرميل يوم الخميس بعد انخفاضها بنسبة 1.7% في الجلسة السابقة.

الأميركيتان