ثاني أكبر شركة تعدين ذهب بالعالم تحول تركيزها نحو النحاس

"باريك غولد" تخفق في الاستحواذ على "فيرست كوانتوم" لتوسيع نشاط المعدن الأحمر

موقع مشروع "ريكو ديق" التابع لشركة "باريك غولد" في باكستان
موقع مشروع "ريكو ديق" التابع لشركة "باريك غولد" في باكستان المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

باتت "باريك غولد" (Barrick Gold) الشركة العالمية التي يتضمن اسمها كلمة ذهب، تركز اهتمامها بطريقة ملحوظة على النحاس.

ذكرت "بلومبرغ" الأسبوع الماضي، أن ثاني أكبر منتج لسبائك الذهب حول العالم تواصل مؤخراً مع شركة "فيرست كوانتوم مينيرالز" لمناقشة صفقة استحواذ محتملة، ورغم أن الصفقة لم تنجح ورفضت مبادرات "باريك" غير الرسمية، فإن اهتمامها بشراء شركة تعدين النحاس بقيمة 17 مليار دولار يعد أقوى دليل على تحول تركيز الشركة، التي تكمن أصولها وسط عروق الذهب في ولاية نيفادا، إلى النحاس.

مارك بريستو، الرئيس التنفيذي للشركة، تحدث على مدى السنوات الماضية عن رغبته في تحقيق نمو على صعيد النحاس. حالياً، قد يكون التركيز أكثر أهمية حيث هبط إنتاج "باريك" من الذهب لأدنى مستوى لها خلال عدة عقود، في حين أعلنت شركة "نيومونت" المنافسة منذ مدة طويلة بالقطاع مؤخراً عن عملية استحواذ ضخمة تمنحها التفوق بفارق كبير على "باريك" في الذهب.

مارك بريستو، الرئيس التنفيذي لشركة باريك غولد
مارك بريستو، الرئيس التنفيذي لشركة باريك غولد المصدر: بلومبرغ

معدن استراتيجي لتوصيلات الكهرباء

بينما كانت شركات الذهب تفتخر تاريخياً بكونها استثمارات خالصة للمستثمرين الراغبين في التعرض لأسعار سبائك المعدن النفيس، تنظر "باريك" للنحاس بوصفه استراتيجية مدعومة بالطلب على توصيلات الكهرباء. يُعثر عليه غالباً بجانب الذهب وسط الترسبات الطبيعية، ويمكن معالجته باستخدام طرق مشابهة لتلك التي يعالج بها الذهب.

أوضح بريستو في أحدث مؤتمر للأرباح عبر الهاتف:" النحاس يحظى بأهمية شديدة، إذا كنت ترغب في أن تصبح لك صلة بمجال التعدين، وباعتبارك شركة تعدين ذهب، سيتوجب عليك النمو وإضافة النحاس إلى محفظة أصولك".

"سيتي غروب": هبوط النحاس يفتح الباب لموجة شراء هائلة

يعد أكبر مشروع استثماري لشركة التعدين الكندية هو مشروع ذهب ونحاس قيمته 7 مليارات دولار في باكستان، والذي تعتزم "باريك" بدء تشغيله خلال 2028 ويمكن أن يستمر عمله لمدة 4 عقود على أقل تقدير.

كما أنها تدرس التوسع بمنجم النحاس في زامبيا، في حين تبحث عن مناطق تنقيب جديدة عبر كافة أنحاء الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا.

لا يتفرد بريستو بمطاردة النحاس. حذر المسؤولون التنفيذيون والمحللون بمجال التعدين من خطر النقص المتنامي بداية من منتصف 2020، في ظل تصاعد الطلب على النحاس للاستخدام في السيارات الكهربائية ومزارع الرياح ومحطات الطاقة الشمسية وكابلات التوصيل عالية الجهد.

تطمح أكبر شركات التعدين حول العالم إلى زيادة إنتاج النحاس للاستفادة من ارتفاع الأسعار في المستقبل، بوقت يُخطط فيه لعدد محدود من المشروعات الحديثة.

مناطق تعدين خطيرة

رغم ذلك، قد تتمتع "باريك" بميزة تنافسية واحدة حيث أظهر بريستو أنه على استعداد للمغامرة بمناطق أشد خطورة حيث تحذر شركات تعدين غربية عديدة من الاستثمار فيها.

باعتباره جيولوجي عن طريق التدريب، اكتسب المدير التنفيذي بجنوب أفريقيا سمعة في تشييد مناجم الذهب في كافة أنحاء جمهورية الكونغو الديمقراطية وساحل العاج ومالي أثناء وجوده مع شركة "راند غولد ريسورسز" (Randgold Resources)، التي أسسها.

طرح بريستو نفس النهج لـ"باريك" عندما اشترى الشركة "راند غولد" في صفقة بدون علاوة سعرية خلال 2019. أعادت الشركة إحياء مشروع "ريكو ديق" (Reko Diq) في باكستان بعد حل نزاع استمر لسنوات مع الحكومة إزاء قرار برفض ترخيص المنجم خلال 2011.

نقص النحاس يهدد العالم ويُبطئ تحول الطاقة.. وهذه هي الأسباب

تحدث بريستو أيضاً علناً عن عمليات استكشاف للنحاس في كل من زامبيا والكونغو. دخلت الشركة حالياً بمحادثات مع الحكومة الكونغولية حول مشروعات تنقيب محتملة، بحسب أشخاص على دراية بالموضوع.

لم يقم بريستو بأي عمليات استحواذ ضخمة منذ انضمامه إلى "باريك"، رغم أنه سعى لذلك قطعاً. حاولت الشركة التقدم بعرض استحواذ قوي بدون علاوة سعرية على شركة "نيومونت" خلال 2019 لكن الصفقة فشلت بنهاية الأمر. سخر بريستو علانية من فكرة عقد صفقة مع شركة "فري بورت- ماكموران".

في غضون ذلك، انتقد بشدة التوسع من أجل التوسع، مؤكداً أن النمو الداخلي -ليس عن طريق صفقات اندماج واستحواذ غبية- هو الطريقة المُثلى للبقاء قادراً على المنافسة في قطاع عانى من سلسلة صفقات سيئة من حيث التوقيت.

قواعد محددة في صفقات الاندماج

رداً على أنباء اقتراب "باريك" من "فيرست كوانتوم"، نوه محللون إلى صعوبة التوفيق بين التزام بريستو بقواعد محددة في صفقات الاندماج والاستحواذ في ظل احتمال أن تتطلب أي صفقة علاوة سعرية كبيرة، نظراً للتكالب على مستوى القطاع للحصول على أصول من النحاس.

على سبيل المقارنة، عرضت "بي إتش بي غروب" علاوة سعرية 49% لشركة "أو زد مينيرالز" (OZ Minerals) وهو سعر السهم قبل ظهور أي أنباء حول الاتفاق لعقد صفقة قيمتها 9.6 مليار دولار أسترالي ما يعادل 6.6 مليار دولار أميركي لشركة تعدين النحاس الأسترالية.

أصر بريستو على أن "باريك" ما زالت، في حقيقة جوهرها، شركة متخصصة في الذهب. لكن إنتاج الشركة من الذهب هبط لأدنى مستوياته منذ 2000 وتراجعت أسهمها 5% العام الجاري. ستعزز صفقة استحواذ "نيومونت" على شركة "نيو كريست ماينينغ" (Newcrest Mining) مكانتها بوصفها أكبر شركة تعدين ذهب على مستوى العالم.

يشكل النحاس المعدن الوحيد الذي زاد إنتاجه في "باريك" منذ الاندماج مع "راند غولد". ذكر بريستو مؤخراً أنه معدن استراتيجي مثلما أن الذهب معدن نفيس.