الرياضات النسائية فرصة استثمارية لمن يستغلها

التوقعات المبكرة تُظهِر أن كأس العالم للسيدات هذا العام قد يتابعها مليارَا مشاهد

قيمة حقوق الامتياز لكرة القدم للمحترفات زادت أكثر من 10 أضعاف في السنوات القليلة الماضية
قيمة حقوق الامتياز لكرة القدم للمحترفات زادت أكثر من 10 أضعاف في السنوات القليلة الماضية المصدر: غيتي إيمجز
Adam Minter
Adam Minter

Adam Minter is a Bloomberg Opinion columnist. He is the author of “Junkyard Planet: Travels in the Billion-Dollar Trash Trade” and "Secondhand: Travels in the New Global Garage Sale."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تُظهِر التوقعات المبكرة أن كأس العالم للسيدات هذا العام قد يتابعها مليارَا مشاهد، أي ما يقرب من ضعفَي المشاهدات في نسخة 2019. الرياضيات المشاركات في ذلك الحدث الرياضي الكبير شهدن زيادة في الاهتمام قُبيل انطلاق المباراة الافتتاحية اليوم الخميس. فعلى سبيل المثال، ارتفع عدد متابعي النجمة السويسرية أليشا ليمان على إنستغرام إلى 13.4 مليون، بزيادة 75% على العام الماضي. والأمر معادلة بسيطة: المتابعة تساوي أموالاً حقيقية.

وكالة التصنيف "نيلسن سبورتس" (Nielsen Sports) تقول إن منشوراً واحداً لليمان على "إنستغرام" تبلغ قيمته الإعلانية 307 آلاف دولار للراعي.

زيادة الشعبية والقيمة

وليمان ليست استثناءً، فشعبية الرياضات النسائية تزداد، وكذلك قيمتها. والأفضل من ذلك أن هذا النمو لم يعُد يعتمد على الأحداث التي تقام كل أربع سنوات مثل الألعاب الأولمبية أو كأس العالم (على الرغم من أن من المرجح أن تثبت نهائيات هذا العام أنها تساعد بالتأكيد). وعليه، يجب أن يسرع المستثمرون للاستفادة من الرياضات النسائية، بعد أن تجنبوا خوض غمارها طويلاً.

ورغم أن الرياضيات لم يصلن بعد إلى الذروة المالية التي بلغها الرجال-كبار نجوم كأس العالم الذكور لديهم عدد أكبر من المتابعين على إنستغرام وقيمة إعلامية أضخم- فإن إمكانات النمو أكبر لهن مقارنة بنظرائهن من الرجال.

انطلاق مونديال السيدات لكرة القدم وسط مطالبتهن بمساواة الأجور مع الرجال

في الولايات المتحدة على سبيل المثال، زادت قيمة حقوق الامتياز الخاصة بكرة القدم للمحترفات بأكثر من 10 أضعاف في السنوات القليلة الماضية. وفي لوس أنجلوس دفعت المجموعة المالكة لفريق "أنجيل سيتي" (Angel City) رسوماً مليونَي دولار للانضمام إلى الدوري الوطني لكرة القدم للسيدات في 2020، قبل أن يتعين على المجموعة التي تقودها شركة الأسهم الخاصة "سيكسث ستريت" (Sixth Street) دفع رسوم قياسية بلغت 53 مليون دولار في أبريل نظير مشاركة فريق في سان فرانسيسكو في الدوري ذاته.

يجب أن يكون هذا موضع ترحيب لمزيد من المستثمرين، ولكن سيتعيّن عليهم مواجهة بعض المشكلات. من بين الصعوبات أن الرياضات الجماعية للرجال تُعَدّ "ممتلكات إعلامية" راسخة ودائماً ما تُعرَض فاعلياتها في وقت ذروة المشاهدة -مثل أيام السبت والأحد بعد الظهر في الخريف لمبارايات كرة القدم الاحترافية والجامعية- التي لا يسع الرياضات النسائية فعلها حالياً.

مواعيد بثّ غير مستقرة

حتى الدوريات النسائية التي تحظى بقاعدة متابعة واتفاقات بث تليفزيوني -مثل الاتحاد الوطني لكرة السلة النسائية- لها جداول زمنية غير متسقة تصعّب تخصيص موعد مشاهدة ثابت لها على غرار "كرة القدم ليلة الاثنين (يتغير هذا أخيراً مع تحديد ليلة الجمعة موعداً منتظماً لمباريات موسم دوري كرة السلة للسيدات).

تتجاوز التحديات البثّ المباشر للرياضات النسائية، ففي 2019 لم يُخصَّص لها سوى 5.4% من الأخبار الرياضية واللقطات البارزة المذاعة تليفزيونياً، ولسنواتٍ أحال هذا التعتيم الإعلامي غير الرسمي الرياضات النسائية إلى فاعليات متخصصة لا يتابعها إلا المهتمون بشأنها.

الفيفا يرفع قيمة جوائز كأس العالم للسيدات 4 أضعاف تحقيقاً للمساواة

مع ذلك، وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، بدأت مجموعة من العوامل تغيير هذا المجال القائم على النوع الاجتماعي. أولها أن جيل الشباب من عشاق الرياضة نشط في مجال الحقوق الاجتماعية التي تُعلي شان الرياضات النسائية. توضح كريستين سيبيت جونستون، المديرة المشاركة في"سبورتس كونسالتنسي" (Sports Consultancy)، ومقرها لندن، حيث تعمل مع أصحاب الحقوق الرياضية والمستثمرين: "تمثل الرياضة النسائية بطبيعتها شيئاً ما، مثل حركة (مي تو) للمساواة بين الجنسين. النجاح الحالي لكرة القدم النسائية في الولايات المتحدة ينبع من كون اللاعبات مناصرات عظيمات (لحقوق المرأة) ويقاتلن من أجل شيء ما، ويتخذن موقفاً".

ثانيًا، بفضل نموّ البثّ وعرض اللقطات البارزة من الأحداث الرياضية عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت الرياضة النسائية أكثر متابعة من أي وقت مضى، مما أدى إلى نموّ القاعدة الجماهيرية والنشاط. وقد تقرّر مستخدمة لوسائل التواصل الاجتماعي تابعت اللاعبة الأميركية لكرة القدم ميغان رابينو وهي تدافع عن مجتمع الميم، الالتفات إلى قدراتها في تسجيل الأهداف هذا الشهر أيضاً (قبل اعتزالها في نهاية العام).

اهتمام بالرياضات النسائية

يُعَدّ تطور الاهتمام أمراً جيداً لقطاع الرياضة النسائية، ففي 2021 وجدت دراسة استقصائية أن 50% من مشجعي الرياضات النسائية "يوافقون بشدة" على أن الرعاة يجب أن يسعوا "لجعل العالم مكاناً أفضل". 20% فقط من عشاق الرياضات الرجالية عبّروا عن المشاعر نفسها. هذا الالتزام، بخاصة تجاه المساواة بين الجنسين، يحرّك الحقوق الإعلامية والصفقات الأخرى ويعزّزها، ففي 2022 على سبيل المثال زادت رعاية الرياضات النسائية 20% سنوياً في جميع أنحاء العالم. وهذا العام، وربما في أبرز الصفقات، اشترت "ألي فاينانشيال (Ally Financial) حقوقاً إعلانية بملايين الدولارات عبر شبكات "إي إس بي إن" (ESPN) ستخصّص 90% من هذه الأموال للرياضات النسائية.

والأمر ليس وليد الصدقة، فقد أوضح جاستن نيكوليت، مدير العلاقات العامة بقسم الرياضة والترفيه في "ألي"، في الآونة الأخيرة عملية الشراء لمجلة "فاست كومباني" (Fast Company): "الناس مرحبون للغاية لدعم العلامات التجارية التي تدعم الرياضة النسائية".

"فيفا" يهدّد بعدم بث كأس العالم للسيدات في 5 دول أوروبية

والأرقام لا تكذب، فنسبة المشاهدة في تصفيات دوري كرة السلة للسيدات لعام 2022 ارتفعت 22% مقارنةً بعام 2021. وهذا العام بلغ متوسط عدد مشاهدي الدور قبل النهائي للرابطة الوطنية لألعاب القوى الجماعية 4.5 مليون مشاهد تليفزيوني، بزيادة 32% على 2022. وفي الصيف الماضي بيعت تذاكر مباراة ودية بين المنتخبين الأميركي والإنجليزي لكرة القدم النسائية في يوم واحد، إذ جذبت 78 ألف مشجّع إلى ملعب ويمبلي.

حتماً تؤدي زيادة أعداد المشجعين والمشاركات إلى زيادة قيمة الدوريات والامتيازات الرياضية النسائية، ففي فبراير باع فريق "سياتل ستورم" (Seattle Storm) عضو الرابطة الوطنية لكرة السلة للسيدات حصة 14% في الفريق مقابل 151 مليون دولار، أكثر من 10 أضعاف الرقم القياسي السابق لفريق في الرابطة. والأمر لا يتعلق بالرياضات الأميركية فحسب، ففي الهند، بيعت خمسة امتيازات جديدة لفرق الكريكيت للسيدات في الآونة الأخيرة في مزاد لقاء 572.4 مليون دولار.

نمو أكبر بكثير

في الوقت الحالي، الرياضات الكبرى للرجال أعلى قيمة، فامتيازات الدوري الوطني لكرة القدم والاتحاد الوطني لكرة السلة والدوري الإنجليزي الممتاز حالياً بالمليارات. ولكن رغم النموّ المثير للإعجاب على مر العقود، فإن امتيازات الدوري الأميركي للمحترفين لن تنمو بمقدار 10 أضعاف خلال السنوات الخمس أو الخمسين المقبلة، وهو ما تشهده الرياضات النسائية بالفعل. وتُعَدّ نهائيات كأس العالم للسيدات هذا العام تذكيراً بمدى ارتباطها بالثقافة وربحيتها. أما للمستثمرين الحريصين على اقتناص حصة من سوق الرياضة العالمية، فأمامهم حاليًاً أفضل فرصة، فعليهم انتهازها، فمن هبّت رياحه فليغتنمها.