احموا سفن البحر الأحمر.. لكن افرضوا ضرائب عليها

على شركات البحر الأحمر الخضوع للحد الأدنى من الضرائب كأي مؤسسة أخرى

سفينة تعبر قناة السويس باتجاه البحر الأحمر
سفينة تعبر قناة السويس باتجاه البحر الأحمر المصدر: بلومبرغ
Chris Bryant
Chris Bryant

Chris Bryant is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies. He previously worked for the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تحول الشركات المالكة للسفن مسار بواخرها لآلاف الأميال حول الطرف الجنوبي لأفريقيا جراء هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، مما يرفع أسعار الشحن من مستوياتها المنخفضة ويشجع المستثمرين على المزايدة على أسهم شركات الشحن. وينبغي لهذه الأزمة أن تجذب انتباهاً متجدداً إلى قطاع يعمل غالباً خارج المعايير الضريبية العالمية، ويتوقع الآن أن تعمل الحكومات على حمايته.

أرسلت الحكومات الغربية أساطيل بحرية لحماية السفن الراغبة في عبور قناة السويس، وهي شريان رئيسي للتجارة العالمية، فيما بدأت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة غارات جوية على أهداف الحوثيين في اليمن لمنع مزيد من الهجمات.

تعتبر جهود الدفاع البحري هذه ضرورية، فالبحارة معرضون للخطر، والمصنعون يجدون أنفسهم مرغمين على تقليص الإنتاج، وقد تؤدي مثل هذه الاضطرابات إلى إشعال التضخم من جديد، لكن هذه الجهود مكلفة.

إعفاء ضريبي لقطاع الشحن

اعتباراً من هذا العام، تخضع الشركات الكبرى متعددة الجنسيات لمعدل ضريبي لا يقل عن 15% على أرباحها، لكن قطاع الشحن نجح في الضغط على منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية للحصول على إعفاء.

شركات التأمين ترفض تغطية السفن الأميركية والبريطانية والمرتبطة بإسرائيل في البحر الأحمر

أدى هذا إلى الحفاظ على نظام تقوم السفن بموجبه بالتسجيل في دول ذات أنظمة قضائية سهلة ومنخفضة الضرائب تسمى السجلات المفتوحة، وتحمل ما يُعرف باسم علم الملاءمة بدلاً من علم بلد الملكية.

وأصبح نحو 44% من سفن العالم المصنفة من حيث الحمولة التي يمكن تحميلها عليها مسجلة في ثلاث دول فقط، هي بنما وليبيريا وجزر مارشال. (ويمثل هذا تغييراً جذرياً مقارنة بالخمسينيات عندما كانت السجلات المفتوحة تمثل أقل من 5% من الأسطول العالمي).

لمكافحة السجلات المفتوحة، عرضت أكثر من 20 دولة أوروبية، بالإضافة إلى كوريا الجنوبية واليابان، على الشركات المالكة للسفن معاملة تفضيلية، حيث يتم فرض الضرائب عليهم وفقاً لحمولة أسطولهم بدلاً من الأرباح المكتسبة.

سخط على "أعلام الملاءمة"

كان معدل الضريبة الفعلي الذي تدفعه شركات الشحن العالمية 7% فقط بين عامي 2005 و2019، وفقاً لدراسة أجراها أولاف ميرك، رئيس الموانئ والشحن في منتدى النقل الدولي التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. كما دفعت بعض الفئات أقل بكثير، حيث كان متوسط معدل الضريبة على ناقلات البضائع السائبة مثل ناقلات النفط 3% فقط، في حين دفعت خطوط الرحلات البحرية ما متوسطه 0%.

أسعار شحن الحاويات تصعد 173% بسبب تجنب السفن للبحر الأحمر

لطالما انتقدت النقابات العمالية أعلام الملاءمة لتقويضها معايير العمل، لكن الترتيبات الضريبية الميسرة لشركات الشحن لم تحظَ باهتمام كبير، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن هذا القطاع الدوري غالباً ما يخسر المال.

تغير ذلك عندما بدأت شركات شحن الحاويات فجأة في تحقيق أرباح بعشرات المليارات من الدولارات خلال جائحة كوفيد- 19، وكشف بعضها عن أنها مدينة بنسبة ضئيلة تصل إلى 1% من الضرائب، وتنازلت الحكومات عن المليارات من الإيرادات المحتملة.

كوفيد والحوثيون: درسان لقطاع الشحن

حتى رئيس شركة "هاباغ لويد" الألمانية العملاقة للشحن بالحاويات اعترف في عام 2022 بأن معدلات الضرائب المنخفضة على الحمولة ليست عادلة. لم يمنع انزعاجه شركة "هاباغ" من دفع ما مجموعه 17.3 مليار يورو (18.8 مليار دولار) من الأرباح للسنتين الماليتين 2021 و2022.

تضخم كلفة تأمين السفن يفاقم فوضى التجارة في البحر الأحمر

ورغم إحراز تقدم في تعزيز المنافسة بمجال النقل البحري ومعاقبة الأنشطة الملوثة، ولكن إعفاءه من الحد الأدنى من الضرائب العالمية كان بمثابة فرصة ضائعة.

الدرس المستفاد من الوباء ومن الحوثيين الآن هو أن التجارة عبر المحيطات معرضة بشدة للتعطيل، وفي عالم متعدد الأقطاب، لم تعد حرية الملاحة أمراً مؤكداً.

كلفة حماية السفن مرتفعة

لا يفرق الحوثيون بين جنسية مالك السفينة والعلم الذي ترفعه. ولا يتوقع أحد جدياً أن تبحر جزر مارشال أو ليبيريا أو بنما للإنقاذ إذا تعرضت سفينة لهجوم. الأمر متروك للولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلفائهما.

هذا "الاستغلال الحر" يتطلب "إعادة التفكير" في أعلام الملاءمة بمجرد توقف الأعمال العدائية، وفقاً لما نشره كيفن رولاندز، رئيس مركز دراسات البحرية الملكية الاستراتيجي، وهو المركز الفكري التابع للقوات البريطانية، على موقع "إكس" (الخدمة المعروفة سابقاً باسم تويتر).

في الوقت نفسه، حذرت لجنة برلمانية بريطانية في عام 2022 من أن استخدام أعلام الملاءمة قد خلق "فراغاً قضائياً" في أعالي البحار.

من عجيب المفارقات أن قطاع الشحن جادل لصالح إعفائه من الحد الأدنى الذي تفرضه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية على أساس أن الحفاظ على أسطول الشحن المحلي من خلال الإعانات الضريبية أمر مهم للأمن القومي.

أما في الواقع، فإن حاجة الحكومات إلى الدفاع عن سفن الشحن في المياه الدولية، بتكلفة كبيرة، هي سبب وجيه لفرض الضرائب على مالكي السفن بشكل صحيح.