إقبال الصينيين على الأسهم الخارجية يهدد صناديق الاستثمار المتداولة

1.3 مليار دولار صافي التدفقات إلى الصناديق التي تستثمر في الأسواق الخارجية خلال العام الجاري

متعامل يطل من نقطة عمله في بورصة شنغهاي في شنغهاي، الصين.
متعامل يطل من نقطة عمله في بورصة شنغهاي في شنغهاي، الصين. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد أعوام من ضعف أداء الأسهم المحلية الصينية، زادت شهية المستثمرين في الصين وزاد إقبالهم على الأسهم في الأسواق الخارجية، حتى أنهم تسببوا في تشوه كبير في أسعار الصناديق التي تتتبع تلك الأصول.

يظهر المستثمرون الصينيون استعداداً لدفع 40% إضافية على صافي قيمة أصول بعض صناديق الاستثمار المتداولة بهدف استثمار أموالهم في أسهم أجنبية، مما تسبب في وقف تداول عدد من هذه الصناديق، وكذلك فرض حدود على الشراء فيها.

وفي ضوء ارتفاع مؤشر "إس أند بي 500" إلى مستوى قياسي، ووصول مؤشرات الأسهم في اليابان إلى أرقام لم تشهدها منذ عقود، يسهل معرفة أسباب تغير وجهة المستثمرين في الصين. غير أن العلاوة السعرية المرتفعة في صناديق الاستثمار المتداولة التي تستثمر في الأسهم الأجنبية قد تتلاشى وتتبخر، وسط مخاطر مخاطرة بأن يتكبد المستثمرون خسائر مماثلة لتلك التي يحاولون تجنبها في السوق المحلية.

يقول لي مينغ هونغ، مدير محفظة في شركة "بكين ييكون أسيت مانجمنت" (Beijing Yikun Asset Management) لإدارة الأصول: "إن رأس المال يسعى وراء الأرباح، ومع ضعف أداء الأسهم في البر الرئيسي، من الطبيعي أن يبحث المستثمرون" عن فرص الاستثمار في أسواق أخرى. ويضيف مسؤول الشركة التي تدير صندوقاً للصناديق: "إن الاستثمار في صناديق الاستثمار المتداولة لا يجذب أموال الأفراد فحسب، وإنما أموال مؤسسات استثمارية أيضاً".

اقرأ أيضاً: السعودية والصين تبحثان الإدراج المزدوج للصناديق المتداولة بالبورصة

قفزة في أسعار الصناديق

قفزت العلاوة السعرية في صندوق الاستثمار المتداول "E Fund MSCI USA 50ETF QDII" الذي يتتبع أسهماً أميركية إلى أعلى مستوى في تاريخها عندما تجاوزت 40% الأسبوع الماضي، وسط تدفق المتعاملين على شرائه. وارتفعت علاوة الأسعار في صندوق مشابه يتتبع مؤشر "نيكاي 225" للأسهم اليابانية بنسبة تجاوزت 20%.

بسبب الضوابط المفروضة على حركة رأس المال، لا توجد منافذ أمام المستثمرين الأفراد داخل الصين الذين يحاولون شراء الأسهم في الأسواق الخارجية. لذلك، فإن صناديق الاستثمار المتداولة المنضمة إلى "برنامج مؤسسات الاستثمار المحلية المؤهلة" (Qualified Domestic Institutional Investor) وصناديق الاستثمار التي تستثمر أموالها فيها، من بين قنوات الاستثمار المتاحة التي تشهد إقبالاً واسعاً من المستثمرين الأفراد.

ويسمح برنامج "موسسات الاستثمار المحلية المؤهلة" لأي مؤسسة استثمار تنطبق عليها مجموعة معينة من الشروط، بالاستثمار في الأوراق المالية الأجنبية بحصص محددة سلفاً.

وتحقق صناديق الاستثمار المتداولة قفزة في علاوتها السعرية عندما يرتفع الطلب القوي بين المستثمرين فيدفع سعر الصندوق إلى مستوى يتجاوز صافي قيمة الأصول الأساسية التي يمتلكها.

في أغلب الأحوال تستمر الزيادة في أسعار صناديق الاستثمار المتداولة والمندرجة في برنامج "مؤسسات الاستثمار المحلية المؤهلة" فترة طويلة، خلافاً للوضع في أسواق أخرى، بسبب غياب صانع السوق، واحتمال أن تؤدي أي مشتريات قوية إلى استنزاف سريع للحصة الاستثمارية المسموح بها لإدارة الصندوق.

تجنب الأسهم الصينية

تلاحظ "بلومبرغ إنتليجنس" أن 31 صندوقاً من صناديق الاستثمار المتداولة في ذلك البرنامج حققت متوسط علاوة سعرية في الأسبوع الماضي بلغ 3% مقارنة مع 1% فقط في العام الماضي.

تدفق الأموال على هذه الصناديق يعد مثالاً إضافياً على تجنب المستثمرين الأسهم الصينية بعد نفاد صبرهم من ضعف أداء السوق المحلية. فمؤشر "شنغهاي شينزن 300" (CSI 300 Index) يتراوح حول أدنى مستوى له في خمسة أعوام، فيما أصبح مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايزس" (Hang Seng China Enterprises Index) لأسهم المؤسسات الصينية واحداً من أسوأ المؤشرات الرئيسية أداءً في العالم في شهر يناير الجاري.

اقرأ المزيد: تصفية صناديق الاستثمار الصينية بأسرع وتيرة في 5 سنوات

أما المستثمرون الأفراد الذين فقدوا الثقة في سوق الأسهم المحلية، فقد صاغوا شعاراً يقول: "ضع ثقتك في مستقبل الأمة، وضع أموالك في بورصة ناسداك". وبحسب أرقام "بلومبرغ إنتليجنس"، سجل صافي التدفقات المالية التي حصلت عليها صناديق الاستثمار المتداولة المدرجة في الصين خلال العام الجاري 1.3 مليار دولار، وذلك في الصناديق التي تستثمر الأموال في الأسواق الخارجية باستثناء تايوان وهونغ كونغ.

تحجيم تدفق الأموال

وفي محاولة منها لتحجيم هذا التدفق، وضعت 18 صندوقاً من هذه الصناديق، أو صناديق الاستثمار التي تستثمر مباشرة فيها، حداً أقصى لحجم الاكتتاب اليومي في وثائقها خلال العام الجاري، وفق ملفات الإفصاح المودعة في البورصة.

ووضعت 6 صناديق أخرى تستثمر أموالها في سندات خارجية حدوداً على شراء وثائقها. وقد أوقف التداول على ثلاثة صناديق استثمار متداولة في الجلسة الصباحية في الأسابيع الأخيرة، فيما صدرت عشرات التحذيرات بشأن ارتفاع علاوة التداول على أسعارها.

وفي أحد الأمثلة الأخرى، أوقفت شركة "إي فاند مانجمنت" (E Fund Management) التداول في صندوق "MSCI USA 50 ETF QDII" المتداول في منتصف تعاملات يوم الجمعة بسبب ارتفاع العلاوة السعرية. وانخفضت أسعار وثائق الصندوق بنسبة 10% -الحد الأقصى اليومي– يوم الثلاثاء للمرة الثانية، بعد تحذير ثان من الشركة يتعلق بزيادة العلاوة السعرية، مؤكدة على مخاطر التغير السريع في مستوى الثقة.

وشهد صندوق "The ChinaAMC Standard and Poor’s 500 ETF QDII" المتداول الذي يتتبع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" انخفاضاً مماثلاً في أسعاره الأسبوع الماضي مع انتعاش الأسهم الصينية.

أوقف التداول على صندوق "E Fund ETF" لمدة ساعة في بداية التعاملات للمرة السابعة يوم الثلاثاء.

وقالت ربيكا سين، محللة "بلومبرغ إنتليجنس": "قد يتعرض المستثمرون الأفراد في الصين لضربة مزدوجة عندما يهربون من صناديق الاستثمار المتداولة التي تستهدف الأسهم المحلية وتعاني من ضعف الأداء، ويبحثون عن تلك التي تستثمر الأموال في الأسهم الأميركية التي يجري تداولها بعلاوة سعرية إضافية وعند أعلى مستوى لها على الإطلاق. فإذا تراجعت السوق الأميركية، قد يتعرض هؤلاء المستثمرون لخسارة مزدوجة".