ميهير شارما: هل فقد جيش باكستان سطوته أخيراً؟

قادة الجيش لم يخفوا رغبتهم في إنهاء مسيرة عمران خان.. لكن الناخبين كان لهم رأي آخر

مسيرة لدعم رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، يوم الثلاثاء 5 أبريل 2022.
مسيرة لدعم رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان في العاصمة الباكستانية إسلام أباد، يوم الثلاثاء 5 أبريل 2022. المصدر: بلومبرغ
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أُلقي زعيم ومؤسس حزب حركة الإنصاف الباكستانية رئيس الوزراء السابق عمران خان في السجن، وأزيل الرمز الانتخابي للحزب، وأُجبر مرشحوه على الترشح بصفتهم مستقلين. مع ذلك، تقدّم الحزب بشكل مفاجئ على أكبر منافسين له، في الانتخابات التي أقيمت في الأسبوع الماضي.

رغم أن جيش باكستان صاحب النفوذ والسلطة لم يخف رغبته في إنهاء مسيرة خان السياسية، اتضح أن الكثير من الناخبين لديهم رأي آخر، فخلال الانتخابات، وجهوا انتقادات حادة بشكل مفاجئ وغير مسبوق إلى أرفع القادة العسكريين الذين هيمنوا على مصير البلاد بشكل مفرط منذ استقلالها في 1947.

الوضع مختلف

في باكستان، التي غلب عليها الخلل في معظم الأوقات، لم ينظر المواطنون في العادة إلى الجيش على أنه المؤسسة الفعالة والموثوقة الوحيدة في البلاد فحسب، بل على أنه مؤتمن على القيم التي قامت عليها أسس البلد، ومفسرها والمدافع عنها أيضاً.

اقرأ أيضاً: الحكم على رئيس وزراء باكستان السابق بالسجن 14 عاماً في تهم فساد

أدخل الجيش نفسه باستمرار في معترك الديمقراطية؛ فتولى نواز شريف رئاسة الوزراء 3 فترات، ولا يزال رئيساً للحزب المرجح أن يترأس الائتلاف الحاكم القادم. وفي كل مرة كان الجيش هو من أطاح به من السلطة. وعادة ما يذعن الشعب في صمت، معتقدين أن مُرتدي البدلة العسكرية يعرفون مصلحة البلاد بشكل أفضل.

لكن الوضع يبدو مختلفاً، فلأول مرة في باكستان، هناك دليل حقيقي على وجود موقف معارض للجيش، ويُعد منبراً سياسياً لحزب فائز أيضاً.

في الماضي، بعد إجبار شريف على التخلي عن السلطة، حقق بعض النجاح عبر حملته الانتخابية التي رفعت شعار "احترام نتيجة الانتخابات". لكن النتيجة التي حققها حزب خان، الذي يفتقر إلى الموارد، في الأسبوع الماضي طغت على أي محاولات سابقة قام بها الساسة المدنيون الباكستانيون للخروج من عباءة الجيش الكبيرة.

نجاح ملحوظ لحزب خان

لا يزال حزب خان بعيداً عن الوصول إلى الأغلبية. وبعد انتهاء عملية فرز الأصوات المثيرة للجدل- رغم أن الطعون على النتائج ستستمر لشهور- يبدو أن المستقلين المنتسبين لحزب "حركة الإنصاف" سيستحوذون على 95 مقعداً على الأقل من 265 مقعداً في الجمعية الوطنية الباكستانية التي كان التنافس عليها.

اقرأ أيضاً: أزمة الجيش وعمران خان تفاقم مخاوف تخلف باكستان عن سداد الديون

أما الحزبان الآخران اللذان عادة ما تشاركا السلطة في باكستان؛ حزب "الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز"، الذي يرأسه شريف، وحزب "الشعب الباكستاني" الذي تهيمن عائلة بوتو على قيادته، فقد يفوزان بنحو 129 مقعداً. سيحتاجان فقط إلى مساعدة أحد الأحزاب الصغيرة الأخرى لتشكيل ائتلاف فائز.

رغم ذلك، لم يستسلم خان، وتلقى منتخبو حزبه مكافأة في شكل خطاب نصر جريء ألقاه بعد الانتخابات، وأعده باستخدام الذكاء الاصطناعي؛ إذ لا يزال في السجن.

وعليّ أن أقر أن هذا حقق نجاحاً ملحوظاً. بالطبع سيكفي الخطاب لحشد مؤيديه في الشوارع خلال الأسابيع المقبلة، ما سيعقّد خطط منافسيه لتشكيل ائتلاف مستقر، ورغبة الجيش في رؤية نقل السلطة بشكل سلس إلى مرشحيه المفضلين في الفترة الحالية.

سردية قوية

الحالات السابقة التي سيسترشد بها الجنرالات قليلة. تحدت عائلة بوتو، وشريف، أرفع القادة العسكريين في ما مضى، وحشدا مؤيديهما بما يكفي للنجاة من قضاء فترات طويلة من الإقصاء السياسي، لكنهما لم يتمكنا قط من تحويل المشاعر المعارضة للجيش إلى أداة لتحريك الجماهير على النحو الذي حققه حزب "حركة الإنصاف".

ربما يُعزى ذلك إلى معارضة خان للفكرة الأساسية التي تعتبر الجيش الباكستاني حامي الدولة ورؤية مؤسسيها. خان لديه من الأنانية ما يكفي لتجعله يعتقد أن باكستان لا تحتاج إلى حامٍ آخر غيره، وأنه لا توجد رؤية إلا رؤياه. كما أنه يثق في اضطلاعه بدور المخلص بالقدر الكافي لإقناع الباكستانيين الآخرين بتوافقه مع طموحاتهم بدرجة أكبر من الجنرالات رفيعي المستوى.

اقرأ أيضاً: باكستان تشن غارات جوية داخل إيران ردّاً على ضربة بلوشستان

يجب عدم الاستهانة بقوة السردية التي بناها خان بدقة وعناية خلال سنوات قبل وصوله إلى السلطة، إذ قال إن مصير باكستان هو أن تصبح دولة رخاء إسلامية مثالية، مصممة على أساس المدينة المنورة في عهد النبي محمد. كما قال إن هذا هو النموذج الذي سعى إليه أيضاً الجيل المؤسس لباكستان، قبل أن يشوه الساسة الفاسدون والنخبة المتوحشة هذه الرؤية.

وضع مقلق

تزدهر الشعبوية على الحنين إلى عصر ذهبي ولّى، ومجموعة معروفة يمكن وصفها بأنها الأشرار. استفاد خان من عائلات النخبة، مثل عائلتي بوتو وشريف، لفترة ما باعتبارهما نقيضين لتوجهاته، وأضاف حالياً مؤيديه السابقين داخل الجيش إلى قائمة المذنبين.

ومن خلال قوله إن الجنرالات هم من أحبطوا طموحات باكستان لعقود، فقد تطرق خان، ولو بشكل ساخر وغير مدروس، إلى حقيقة لم يكن من الممكن وصفها في ما مضى. لكن التجاوب المفاجئ مع هذا الادعاء أدى إلى تقدم حزبه على منافسيه، وألقى بباكستان التي تملك سلاحاً نووياً في وضع سياسي مقلق للغاية.