الحرب والمقاطعة وفوضى الشحن تهدد انتعاش الأسهم الأميركية

التوترات الجيو سياسية ثاني أكبر خطر على أسعار الأسهم بعد التضخم

غارة جوية إسرائيلية على مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة
غارة جوية إسرائيلية على مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نبّه مستثمرون وشركات بأن الحرب في الشرق الأوسط تشكل خطراًَ كبيراً على الأرباح، حيث تؤدي المقاطعة إلى إضعاف المبيعات، فيما تهدد فوضى الشحن في البحر الأحمر سلاسل التوريد.

تشكل هذه الرياح المعاكسة خطراً على الارتفاع القياسي في الأسهم الأميركية، وفقاً لتحليل "بلومبرغ" لمئات إعلانات الأرباح. وبحلول منتصف الربع الأول، كان عدد الإشارات إلى البحر الأحمر أو التوترات الجيوسياسية مطابقاً تقريباً لإجمالي الأشهر الثلاثة السابقة.

وصلت توقعات أرباح الشركات المدرجة على مؤشر "إس آند بي 500" للأشهر الـ12 المقبلة إلى مستوى قياسي، مما يشير إلى أن المحللين يبنون توقعاتهم على السيناريو الإيجابي مع نمو الاقتصاد الأميركي أكثر من المتوقع وخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. مع الوضع في الاعتبار أن أي تهديد كبير للأرباح، أو علامات على عودة التضخم، يمكن أن يؤثر على الارتفاع المستمر منذ أشهر والذي أرسل المؤشر الأميركي إلى مستويات قياسية.

الأسهم الأميركية ترتفع مع انخفاض مبيعات التجزئة وتترقب أسعار المنتجين

التضخم والمخاطر الجيوسياسية

ارتفعت أسعار النفط الخام بالفعل هذا العام لأسباب منها المخاوف من أن تتحول الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع أوسع نطاقاً. في الوقت نفسه، تضطر سفن الحاويات إلى تجنب البحر الأحمر وقناة السويس بعد هجمات الحوثيين المدعومين من إيران كجزء من حملة ضد إسرائيل.

الحوثيون: قصف ناقلة النفط "بولوكس" في البحر الأحمر

اعتبرت نيكول كورنيتزر، مديرة "بوفالو إنترناشونال فاند" في شركة "كورنيتزر كابيتال مانجمنت" (Kornitzer Capital Management) أن الأوضاع الجيوسياسية تشكل خطراً. أضافت أنه إذا استمر الضغط لفترة أطول، فقد يؤثر ذلك على هوامش الشركات ويؤدي للتضخم إذ تتم تغطية التكاليف من خلال زيادة الأسعار، فهذا النوع من السيناريو لم يُأخذ في الحسبان.

من شركات السلع الاستهلاكية، إلى وسائل التواصل الاجتماعي، إلى شركات الشحن، أظهر آخر استطلاع لمديري الصناديق أجراه "بنك أوف أميركا" أيضاً أن المستثمرين يرون أن الجغرافيا السياسية هي ثاني أكبر خطر على أسعار الأسهم بعد التضخم، رغم أن الخطرين مرتبطان ببعضهما بعضاً، وتوقع المشاركون بالاستطلاع أن يؤدي أي تصعيد إضافي في البحر الأحمر أو الشرق الأوسط لإضافة ضغوط أسعار جديدة إلى ارتفاع أسعار النفط والشحن.

اضطرابات سلاسل التوريد

في أوروبا، قالت شركة "هاينكن" (Heineken) المنتجة للمشروبات الكحولية إن تطورات الاقتصاد الكلي والتطورات الجيوسياسية ستظل عاملاً من عوامل عدم اليقين التي قد تؤثر على أعمالها.

شركة "أديداس" اعتبرت أيضاً أن التوتر في البحر الأحمر يؤدي إلى ارتفاع تكاليف التوريد على المدى القصير.

كذلك، أعلنت "تسلا" في يناير تعليق الإنتاج في مصنعها الألماني، بسبب انقطاع الإمدادات. وقالت شركة "ريسميد" (ResMed)، الموردة للمعدات الطبية، إنها ترى تأثيراً على أسعار الشحن والمهل الزمنية.

كما اعتبرت شركة "سيسكو" العملاقة لمعدات شبكات الكمبيوتر أن أسعار الشحن ارتفعت.

تعد شركة الكيماويات "ألبيمارل" (Albemarle)، وشركة التبغ "فيليب موريس إنترناشيونال" (Philip Morris International) ومقدم خدمات السكك الحديدية "سي إس إكس" (CSX) من بين الشركات المدرجة على مؤشر "إس آند بي 500" التي تراقب أيضاً الوضع في البحر الأحمر.

"ستار بالك كارييرز" لشحن السلع توقف المرور عبر البحر الأحمر

استفادت بعض الشركات من هذا الوضع. وشهدت شركة "رويال فوباك" (Royal Vopak) الهولندية ارتفاعاً في الطلب على منشآت التخزين التابعة لها بسبب الاضطراب في البحر الأحمر وعدم اليقين في سوق النفط. ارتفعت أسهم شركة "ميرسك" (Maersk) قبيل الإعلان عن نتائجها المالية، ولكن سرعان ما أعلنت الشركة أنها تتوقع عودة الضبابية إلى قطاع الشحن البحري لاحقاً هذا العام، بعد انتهاء الارتفاع الحالي في أسعار الشحن الناتج عن الصراع في البحر الأحمر.

تراجع أسهم "ميرسك" بعد التحذير من التباطؤ بمجرد تلاشي ارتفاع أسعار الشحن

أرباح الشركات تتأثر بالمقاطعة

في الوقت نفسه، فإن العديد من المتسوقين في الشرق الأوسط وكذلك الدول الإسلامية مثل باكستان يتجنبون العلامات التجارية الأجنبية الكبرى مدفوعين بالغضب ضد الولايات المتحدة وأوروبا لعدم قيامهم بالمزيد لحمل إسرائيل على إنهاء هجومها على غزة، ما أثر على أرباح الشركات الأميركية الكبرى.

أزمة البحر الأحمر تبدأ في التأثير على الأسعار في أوروبا

جاءت مبيعات "ماكدونالدز" دون توقعات المستثمرين، متأثرة جزئياً بالمقاطعة. ولا تتوقع الشركة أي تحسن ملموس للقطاع الذي يشمل المنطقة حتى يتم التوصل إلى حل للحرب، الأمر الذي أثر أيضاً على نتائج "ستاربكس". حتى شركة "سناب" تعتبر الصراع عائقاً في وجه تحقيق أهدافها.

لا تزال الحرب بين إسرائيل وحماس مشتعلة دون نهاية في الأفق، ويستمر الحوثيون في تعطيل الشحن في البحر الأحمر، حتى في الوقت الذي تستهدف فيه الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الجماعة المسلحة في اليمن، وتقوم عملية بحرية متعددة الجنسيات بدوريات في البحر الأحمر.

قال راجيف دي ميلو، مدير محفظة الاقتصاد الكلي العالمي لدى "غاما" (GAMA): "العوامل الجيوسياسية هي المخاطر التي لها التأثير الأكبر على السوق على المدى القصير".