شولي رين: "فانكي".. شركة التطوير العقاري التي ستقصم ظهر الصين

إنقاذ الشركة العقارية المرموقة في مصلحة الدولة والاقتصاد

ساحة "تشيباو فانكي بلازا" التابعة لشركة "تشاينا فانكي" في شنغهاي، الصين، يوم الاثنين 11 مارس 2024.
ساحة "تشيباو فانكي بلازا" التابعة لشركة "تشاينا فانكي" في شنغهاي، الصين، يوم الاثنين 11 مارس 2024. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ماتزال الصين تبحث عن حلول تعتمد على آليات السوق مع دخول الأزمة العقارية في عامها الثالث. فقد حذر وزير الإسكان أثناء عطلة نهاية الأسبوع بأن شركات التطوير العقاري المتعثرة عليها أن تستعد لإشهار إفلاسها.

من ناحية أخرى، رصدت البنوك المملوكة للدولة مليارات الدولارات لتقديم قروض للمشروعات التي تتمتع بفرص جيدة ولكنها تعاني من صعوبات تمويلية مؤقتة، وذلك بهدف ضمان اكتمال تلك المشروعات.

تستدعي الأوقات الاستثنائية اتخاذ تدابير استثنائية. وقد ظهر واضحاً أن قوى السوق تحولت إلى قوى تدميرية خبيثة بينما تواجه شركة "تشاينا فانكي" (China Vanke)، وهي إحدى شركات التطوير العقاري الكبرى في البلاد، أزمة في السيولة، وأصبحت خطة الإنقاذ التي قامت الدولة بترتيبها جاهزة للتنفيذ. أما مؤسسة التصنيف الائتماني "موديز ريتينغز" فقد خفضت تصنيف الشركة المرموقة إلى درجة عالية المخاطر يوم الاثنين.

العقبة الكبرى التي تواجه الشركة هي غياب الوضوح بشأن مبيعاتها في المستقبل. فبفضل الإدارة الحكيمة، استطاعت أن تحقق أداءً جيداً بدرجة معقولة في عام 2023 يقارب أداء نظيراتها مثل شركة "كانتري غاردن هولدينغز"، إذ انخفضت قيمة مبيعاتها التعاقدية بنسبة 10% فقط إلى 376 مليار يوان (52.4 مليار دولار). غير أن أداء السوق قد يتجه نحو الأسوأ هذا العام. فقد كشف مسح حديث أجرته مؤسسة "تشاينا إندكس أكاديمي" (China Index Academy) لأبحاث وبيانات السوق العقارية أن أقل من 20% من المشاركين يعتزمون شراء منزل في الأشهر الستة التالية، مقابل ما يقرب من 30% قبل عام واحد. وبحسب تقديرات مؤسسة "موديز"، تراجعت مبيعات "فانكي" بنحو 40% إلى 34.5 مليار يوان في شهري يناير وفبراير، في تدهور عنيف مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.

تراجع أرباح التشغيل

يتسم التطوير العقاري بأنه نشاط يقوم على زيادة الإيرادات بمعدل أعلى من زيادة النفقات. وقد تراجع هامش أرباح التشغيل في شركة "فانكي" من 29% في ذروته في عام 2019 إلى 8.4% في الربع الثالث من العام الماضي، وفقاً لأحدث البيانات المتاحة. وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2023، حققت الشركة ربحاً تشغيلياً بلغ 31 مليار يوان فقط، منخفضاً بنسبة 23% عن نفس الفترة من 2022.

ربما تفسر ظروف التشغيل المضطربة عند شركة التطوير العقاري أسباب تخوف المؤسسات المالية، حتى المملوكة منها للدولة. إذ إن "فانكي" تواجه مقاومة من بنكين صينيين تابعين للدولة بشأن قرض مشترك جديد بقيمة 4.5 مليار دولار هونغ كونغ (575 مليون دولار). وفي تدخل نادر، طلب مجلس الوزراء الصيني من البنوك الكبيرة زيادة دعمها للشركة، وفق تقرير لوكالة رويترز.

الصين تسابق الزمن لإنهاء أزمة تمويل العقارات

في شهر سبتمبر، كان لدى "فانكي" 101 مليار يوان من السيولة النقدية تحت تصرفها، وهو ما ينبغي أن يكفي لتغطية ديونها قصيرة الأجل. وقبل يونيو 2025، ستبلغ قيمة السندات مستحقة السداد نحو 34 مليار يوان، وفقاً لوكالة "موديز". ومع ذلك، تعتمد "فانكي"، مثل أي شركة أخرى، اعتماداً كبيراً على عمليات البيع المسبق، أي بيع الوحدات السكنية قبل بنائها. وفي شهر سبتمبر، بلغت قيمة الالتزامات التعاقدية على الشركة نحو 408 مليارات يوان، تتألف في معظمها من ودائع سددها المشترون مقابل المنازل التي لم يكتمل بناؤها. وفي ضوء ذلك، فإن وضع السيولة النقدية في "فانكي" ليس جيداً.

إنقاذ الشركة مصلحة حكومية

إن إنقاذ الدولة للشركة سيصب في مصلحة الحكومة. ففي نهاية المطاف، تحتاج البلديات إلى استمرار عدد من شركات التطوير العقاري، لبناء المشاريع وشراء الأراضي، والتي بدونها قد تسقط الصين في أزمة مالية هذا العام. فوفقاً لتقرير الميزانية الذي صدر في "مؤتمر الشعب الوطني" الأسبوع الماضي، من المتوقع أن تنمو إيرادات الصناديق التي تديرها الحكومات المحلية، ويأتي معظمها من مبيعات الأراضي، بنسبة 0.1% هذا العام. ويبدو هذا الهدف مفرطاً في التفاؤل -أو حتى غريباً- إذا عجزت شركة "فانكي" أيضاً عن الوفاء بالتزاماتها وتفاقمت الأزمة العقارية في البلاد.

اقتصاد الصين مهدد بالانكماش مع تراجع الإنتاج الصناعي والعقارات

حتى الآن، تجنبت الحكومة الصينية التدخل، وتركت كبرى شركات التطوير العقاري بها، مثل مجموعة "تشاينا إيفرغراند غروب" وشركة "كانتري غاردن"، تتعرض لمشكلة العجز عن سداد التزاماتها بعد أن شرعت في توسعات متهورة ومعتمدة على الديون. غير أن شركة "فانكي" لديها إدارة جيدة وماضٍ عريق. ويرتبط تاريخها ارتباطاً وثيقاً مع مدينة شينزين، التي تحولت إلى مركز للتكنولوجيا خلال بضعة عقود فقط، بالإضافة إلى ارتباط اسمها بامتلاك المنازل الخاصة. تم طرح "فانكي" للاكتتاب العام في عام 1991. وكانت واحدة من أوائل الشركات في "بورصة شينزن" الناشئة آنذاك، وتعتبر مجموعة "شينزن مترو غروب" المملوكة للدولة أكبر مساهم فيها، بحصة تبلغ 27%. لذلك، فإن ثمن إنقاذ "فانكي" ليس باهظاً مثل تركها للفشل.