ساسة وقادة أعمال وبورصات عملات مشفرة يواجهون عاماً مليئاً بالتحديات

رسم: كاتي سيلاغي/ بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في الوقت الذي تواصل جائحة كورونا تصدّر القضايا المهمة في معظم أنحاء العالم، تلقي "بلومبرغ" نظرة على أصحاب القرارات والقضايا الملحة التي ستتصدر عناوين الأخبار في عام 2022.

سيريل رامافوزا

رئيس جنوب إفريقي، لا يمكنه تحمل تكلفة تأخير الإصلاحات

عندما تولى سيريل رامافوزا، رئاسة جنوب إفريقيا في فبراير 2018، تحدث عن فجر جديد، فقد شهدت فترة حكم سلفه، جاكوب زوما، التي استمرت تسع سنوات، نهب عشرات المليارات من الدولارات من الشركات الحكومية. وفي عهد الرئيس الجديد ارتفعت قيمة الراند (العملة المحلية) وزادت الثقة بالشركات الوطنية في موجة قصيرة من الحماسة في السوق أطلقت عليها وسائل الإعلام مصطلح الـ"رامافوريا" (Ramaphoria) نسبة إلى رامافوزا، وسرعان ما تلاشت. لذلك، يشكل العام الجاري فرصة لرامافوزا ليرتقي إلى مستوى سمعته والتزام تعهداته.

اقرأ أيضاً: الحزب الحاكم في جنوب إفريقيا يدعو لفرض التلقيح

مع تهميش منافسه الرئيسي بسبب تهم الفساد، يتمتع رامافوزا، الزعيم النقابي السابق، بقبضة أقوى على زعامة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم، الأمر الذي يؤهل رجل الأعمال والملياردير الجنوب إفريقي للفوز بولاية ثانية، وأخيرة، مدتها خمس سنوات، في مؤتمر الحزب في ديسمبر.

أما وقد حيّد تهديد المنافسة من داخل الحزب إلى حد كبير، فقد يتمكن رامافوزا أخيراً من إقرار الإصلاحات الاقتصادية التي وعد بها.

تشمل تلك الإصلاحات استكمال تحرير صناعة الطاقة من القيود التنظيمية التي تكبلها لتشجيع استثمارات القطاع الخاص، وإنهاء سنوات من الانقطاعات الدورية للتيار الكهربائي، وكذلك بيع مجموعة من شركات الاتصالات التي تحتاج إلى التوسع والتحديث بالمزاد العلني. أيضاً يتعين على رامافوزا إعادة تنظيم الحكومات البلدية المحتضرة التي تكلف حزبه بعض الأصوات، وبدء حملة لتطوير البنية التحتية، وتنشيط النمو، وكل ذلك في خضم جائحة قضت على الاقتصاد الصناعي الأضخم في إفريقيا، ودفعت نسبة البطالة في البلاد إلى مستوى قياسي بلغت 35%.

اقرأ المزيد: جنوب إفريقيا تواجه مزيداً من انقطاعات الكهرباء بسبب أعمال الصيانة

لكن قبل كل شيء يتعين على رامافوزا كبح جماح الفساد، الذي جعل من الكسب غير المشروع صفة مرادفة لدولة جنوب إفريقيا. غير أنه لم يقُم بكثير ليثبت صدق نياته حتى الآن. فعلى الرغم من تغييره لقيادات الشركات الحكومية الفاسدة التي تعاني من سوء الإدارة، فإنها لا تزال فاشلة. ورغم قيامه بتعيين مستشار قانوني سابقاً في المحكمة الجنائية الدولية رئيساً لهيئة الادعاء العام الوطني، فإن البلاد لم تشهد إدانة رئيسية واحدة لشخصية تتمتع بنفوذ سياسي حتى الآن.

إذا تمكن رامافوزا من إحراز أي تقدم على صعيد تحقيق هذه القائمة الطويلة من الأهداف السياسية، فقد تشهد جنوب إفريقيا تكراراً لحالة "الرامافوريا" التي أشعلت الحماس من قبل، وسيمكن حينئذ إنقاذ حزب المؤتمر الوطني الإفريقي -الذي حكم البلاد منذ انتهاء الفصل العنصري- من العار المتمثل في رؤية حصته من الأصوات تنخفض إلى أقل من 50% للمرة الأولى في الانتخابات الوطنية المقرر إجراؤها في عام 2024.

عقار "أدوهلم" من إنتاج شركة "بيوجين"

الشكوك تحيط بفاعلية وتكلفة علاج ألزهايمر الجديد

سيواجه "أدوهلم" (Aduhelm)، الذي يُعَدّ أول عقار جديد يُتوصَّل إليه لعلاج مرض ألزهايمر منذ ما يقرب من 20 عاماً، تحدياً كبيراً في أبريل، عندما تعلن مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية (Medicare) التي توفر التغطية الصحية لـ63 مليون أمريكي من كبار السن والمعاقين قرارها النهائي بشأن تغطية الدواء. ومن شأن القرار أن يشكل لحظة حاسمة بالنسبة إلى عقار "أدوهلم"، الذي تنتجه شركة "بيوجين" (Biogen) بالتعاون مع شركة "إيساي" (Eisai)، اللتين تسعيان أيضاً للحصول على موافقة الجهات التنظيمية المعنية على العقار ذاته في أوروبا واليابان.

اقرأ أيضاً: أنباء عن صفقة بيع لـ"سامسونغ" تنعش أسهم "بيوجين" الأمريكية

هذا العقار كان قد واجه عقبات كبيرة منذ أن وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في يونيو الماضي، إذ قدّم بعض الأطباء الأعضاء في لجنة استشارية تابعة للإدارة، الذين شككوا في أن "أدوهلم" أبطأ تقدّم مرض ألزهايمر، استقالاتهم احتجاجاً على رفض إدارة الغذاء والدواء اعتراضاتهم وإجازتها للعقار. بعد ذلك، حقق "أدوهلم" مبيعات تقدر بنحو 2.3 مليون دولار فقط في الأشهر الأربعة الأولى التي جرى طرحه خلالها فى السوق. وفي وقت لاحق، خفضت "بيوجين" سعر الدواء، الذي يُعطى للمرضى شهرياً عن طريق الحقن الوريدي، إلى النصف ليصبح 28200 دولار سنوياً.

كما أصبحت فرص نجاح العقار المشكوك في فاعليته أضعف في 11 يناير، بعدما اقترحت مراكز الرعاية الصحية والخدمات الطبية قصر استخدامه على المرضى في التجارب السريرية. قال مسؤولو الوكالة إنهم متشككون في أن أي فائدة من استخدام العقار ستفوق الضرر المحتمل، ما يُعَدّ مؤشراً سيئاً لقرارها النهائي المتوقع إعلانه في أبريل. ومع وجود ما يقرب من ستة ملايين مريض مصابين بألزهايمر في الولايات المتحدة وحدها، فإن أي علاج يُستخدم على نطاق واسع سيدرّ أرباحاً هائلة. غير أن معظم شركات التأمين يرفض الدفع مقابل "أدوهلم" دون وجود مزيد من الأدلة على فاعليته.

فيدجي سيمو

الرئيسة التنفيذية لشركة "إنستاكارت" تبتعد عن المنافسة

في أغسطس الماضي، استحوذت فيدجي سيمو على شركة "إنستاكارت" (Instacart)، لتتولى بذلك رئاسة إحدى الشركات الناشئة الأكثر قيمة في وادي السيليكون. جاءت هذه الخطوة مع بعض التحديات الهائلة، من بينها المنافسة المحتملة في أعمال توصيل البقالة من قِبل شركات مثل "أمازون" و"دورداش" (DoorDash) و"أوبر" (Uber)، وكذلك سوق العمل المضطربة واستمرار نقص العمالة في الاقتصاد، بل إن الأمور تبدو أكثر تعقيداً الآن بعد رحيل عديد من المديرين التنفيذيين رفيعي المستوى، وتزايد حالة عدم اليقين بشأن الطرح العام الأولي المتوقع للشركة.

اقرأ المزيد: رغم الوباء.. تمويل الشركات الناشئة في أمريكا يبلغ أرقاماً قياسية في 2020

حوّل تفشي الوباء تسليم البقالة من خدمة مرحَّب بها إلى خدمة أساسية، إذ يتعين على سيمو الآن إثبات أن نموذج أعمال "إنستاكارت" جاهز للطرح في الأسواق العامة، حتى في عالم ما بعد الوباء. كانت استراتيجية رئيسة "إنستاكارت" التنفيذية تركز على ابتكار التكنولوجيا التي يمكن لمحلات البقالة استخدامها لإنشاء تجهيزات التجارة الإلكترونية الخاصة بها، بدلاً من مضاعفة جهودها لتصبح منصة لوجستية تتنافس مباشرة مع "دورداش" و"أوبر تكنولوجيز". وتأمل سيمو أن يساعد ذلك في تقوية العلاقات المتوترة مع البائعين وأصحاب متاجر البقالة الذين لجؤوا إلى "إنستاكارت" باعتبارها طوق نجاة خلال الوباء، ولكنهم الآن قلقون من التخلي عن كثير من سلطتهم لمصلحة الشركة الناشئة.

من جانبها، قدمت سيمو شركتها على أنها حليفة في ما وصفته بـ"معركة متاجر البقالة ضد أمازون". كما يتعين عليها الآن المحافظة على شعور المستثمرين، الذين ضخوا بالفعل ما يقرب من 3 مليارات دولار في "إنستاكارت"، بالرضا عن أداء الشركة.

بورصات العملات المشفرة

ستُختبر منصات التداول إذا ساءت أحدث مسارات الأصول الرقمية

اعتادت بورصات العملات المشفرة تحقيق المكاسب، إذ يمكنها جني الأرباح في الأسواق الصاعدة والهابطة، شريطة أن يستمر الناس في التداول. وفي هذا الإطار شهد عام 2021 تداولاً للعملات الرقمية بمليارات الدولارات. لقد جربت هذه البورصات طرقاً جديدة للمحافظة على مكاسبها، من بينها تقديم رافعة مالية تصل إلى 100 ضعف كما فعل بعض البورصات، وإصدار عملاتها الخاصة، وطرح مشتقات مثل نسخها الرقمية الخاصة من الأسهم.

اقرأ أيضاً: موجة بيع تضرب العملات المشفرة.. و"بتكوين" عند أدنى مستوى في 6 أشهر

لكن البورصات قد لا تربح دائماً. فأسعار العملات المشفرة تتجه نحو الهبوط، الأمر الذي قد يثبط حماس المتداولين. كما يزداد التدقيق في أعمالها من جانب الجهات التنظيمية، إذ تركز الهيئات الرقابية على معدلات تداول العملات المشفرة خارج نطاق سلطات الولايات المتحدة القضائية. ومن جانبها، تعتبر البورصات أن سَنّ مزيد من القوانين لتقنين أعمالها مجرد خطوة على طريق نضج أسواق تداول العملات الرقمية، إذ قد تشجع إجازتها من قِبل الجهات التنظيمية مزيداً من المستثمرين المؤسسيين على تولي زمام الأمور. عملياً، تخطو بورصات العملات المشفرة بهدوء نحو السوق الرسمية، في محاولة منها لاستمالة الجهات التنظيمية. على سبيل المثال، تسعى منصة "بينانس" (Binance)، التي تشتهر بعدم وجود مقر لها، للحصول على مقر محلي لعملياتها، كما وضعت بعض المنتجات المحفوفة بالمخاطر جانباً. أما على الصعيد التشريعي فقد اجتاح أعضاء جماعات الضغط المؤيدة لأسواق العملات المشفرة الكونغرس الأمريكي. لكن نجاحهم يتوقف على عدم وجود أي مفاجآت سيئة من سوق متقلبة، ففي حين نجت العملات المشفرة من عديد من الانخفاضات الحادة قصيرة الأجل، فإن عمليات البيع المطولة ستختبر جدوى المجموعة الجديدة من العملات والمشتقات المالية الرقمية.

اقرأ المزيد: البنوك المركزية تواجه لحظة الحقيقة حيال العملات المشفرة

كما قال أحد رؤساء البنوك في الفترة التي سبقت أزمة الرهن العقاري لعام 2007: "عندما تعزف الموسيقى، عليك أن تستمر في الرقص". لذلك تأمل البورصات ألا تتوقف الموسيقى أبداً.

لورنس سترول

"أستون مارتن".. خطوة إلى الأمام، وأخرى إلى الخلف

ينتظر لورنس سترول، الرئيس التنفيذي لشركة "أستون مارتن لاغوندا غلوبال هولدينغز" والملياردير الكندي البالغ من العمر 62 عاماً، سنةً محورية.

قد يهمك أيضاً: في حدث نادر.. أخبار جيدة من "أستون مارتن"

على الجانب الإيجابي، حظيت العلامة التجارية المحببة لشخصية "جيمس بوند" السينمائية بإدارة جديدة، انتزعتها من "مرسيدس إيه إم جي" (Mercedes-AMG). في العام الماضي، ضخ سترول 656 مليون دولار في العلامة التجارية التي تأسست قبل 109 أعوام، وهو تمويل كان ضرورياً للمساعدة على تصفير مخزونات "أستون مارتن" وإقامة روابط أوثق مع "دايملر" (Daimler)، التي أصبحت مساهماً رئيسياً فيها عام 2020. باعت "أستون مارتن" كامل مخزونها من سيارات "فالكيري" (Valkyrie) البالغ عددها 150 سيارة، بواقع 3.2 مليون دولار للسيارة الواحدة، لتتخطى بذلك أربعة أضعاف أرباحها في الربع الثاني من 2021، بعد زيادة مبيعاتها من سيارة "دي بي إكس" الرياضية متعددة الاستخدامات (DBX SUV) البالغ سعرها 180 ألف دولار.

2025 موعد إنتاج سيارات "أستون مارتن" الكهربائية في بريطانيا

يشكل هذان الطرازان قوام استراتيجية سترول لتحول "أستون مارتن". فمنذ الطرح العام الأولي المخيب للآمال في عام 2018، عانت الشركة من تراجع التدفق النقدي، وسوء إدارة مخزون الموزعين، وتخلي المديرين التنفيذيين والمهندسين عن مناصبهم.

لكن هذه ليست التحديات الوحيدة التي تواجهها صانعة السيارات البريطانية، إذ عطّلت مشكلات تقنية طرح سيارة "فالكيري"، ما أثار الغضب بين عملائها الذين دفعوا مقدماً ولم يحصلوا على سياراتهم الفائقة بعد، الأمر الذي حفّز بعضهم للمطالبة باسترداد الأموال المدفوعة مسبقاً. وقد أدى هذا الوضع السيئ إلى التشكيك في قدرة "أستون مارتن" على تسليم سيارات "فالكيري سبايدر" (Valkyrie Spider)، وهو طراز ذو سقف مفتوح من المقرر أن يبدأ إنتاجه في 2022، في الوقت المحدد. قال متحدث باسم "أستون مارتن": "حالياً، لا نتوقع أي تأخير في إنتاج سيارات (سبايدر فالكيري)". غير أن نزيف الكفاءات لا يزال مستمراً، إذ قال كبير المسؤولين الماليين، كينيث غريغور، في الأول من ديسمبر إنه سيتنحى عن منصبه بحلول يونيو، أي بعد مرور أقل من عام على توليه هذا المنصب.