ما أثر خفض "الاحتياطي الفيدرالي" لأسعار الفائدة على أموالك؟

مع تباطؤ التضخم يراهن المستثمرون على خفض أسعار الفائدة في 2024

جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يتحدث خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم 13 ديسمبر 2023
جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، يتحدث خلال مؤتمر صحفي بعد اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة (FOMC) في واشنطن العاصمة، الولايات المتحدة، يوم 13 ديسمبر 2023 المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قدم الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أوضح إشارة حتى الآن على اقتراب مرحلة خفض أسعار الفائدة.

خلال اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء، قال رئيس البنك المركزي جيروم بأول إنه يركز حالياً على تحديد وقت خفض أسعار الفائدة المعيارية في 2024. وقد أطلق هذا التصريح موجة صعود في مختلف فئات الأصول، وسط ارتفاع أسعار الأسهم عالمياً وانخفاض عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات دون مستوى 4% للمرة الأولى منذ أغسطس.

يراهن المستثمرون الآن على خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة 6 مرات في عام 2024، بمقدار ربع نقطة مئوية في كل مرة، أي ضعف ما خطط له البنك المركزي. وطبعاً، قال باول أيضاً إن مسؤولي السياسة النقدية قد يعودون إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في حال عودة ضغوط زيادة الأسعار.

"غولدمان" يتوقع تخفيضات أكبر وأسرع لأسعار الفائدة الأميركية

في ما يلي كل ما تحتاجه لمعرفة تأثير ذلك على أموالك:

هل تتأثر استثماراتك؟

بعد خطاب باول مباشرة، ارتفعت كل الأسواق، من الأسهم العالمية وصولاً إلى سندات الشركات، مسجلة أفضل أداء لها خلال اجتماع "الاحتياطي الفيدرالي" منذ 15 عاماً.

يُعتبر خفض أسعار الفائدة بشكل عام عاملاً إيجابياً يحفز أسعار الأسهم، لا سيما أسهم النمو التي تكتسب قيمتها من قدرة الشركات على تحقيق أرباح في المستقبل. ويدعم ذلك أيضاً ما يُسمى بالأصول الخطرة، ومن بينها أسهم التكنولوجيا منخفضة الجودة والسندات مرتفعة العوائد.

قال مات مالي، رئيس استراتيجية السوق في شركة "ميلر تاباك+" (+Miller Tabak): "أعطى تصريح الاحتياطي الفيدرالي الضوء الأخضر للمستثمرين حتى يقبلوا على شراء الأصول الخطرة بكثافة عالية، مع افتراض أن هذا التصريح لا يشير إلى قلق البنك المركزي من ركود الاقتصاد".

تستفيد الأصول في مختلف أنحاء العالم من خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وقال شاماث دي سيلفا، مدير صناديق الاستثمار في شركة "بيتا شيرز هولدينغز" (BetaShares Holdings) في سيدني: "مع التحول في السياسة النقدية، تتأثر أسواق الأسهم والدولار الأميركي بما ينعكس إيجابياً على أسعار الأسهم في آسيا. وربما تستثني اليابان من ذلك إذ يتعين عليها التعامل مع قوة الين".

ماذا عن تقسيم محفظة الاستثمار بمعدل 60/40؟

شهدت الطريقة الكلاسيكية في تقسيم محفظة الاستثمار إلى 60% للأسهم و40% للسندات، فترة عصيبة في الآونة الأخيرة، غير أنها قد تحقق نجاحاً في الفترة الراهنة.

على مدى عقود، ضمنت هذه الطريقة في تقسيم المحافظ عوائد قوية بعد حساب تأثير المخاطر. واستندت إلى فكرة أن الأسهم تحقق نمواً للمحفظة وأن السندات تضمن لها استقراراً نسبياً، وذلك على افتراض أن هاتين الفئتين من الأصول لا ترتبطان فيما بينهما ارتباطاً قوياً.

غير أن رفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة أفسد عمل هذه الاستراتيجية. فقد انخفضت أسعار الأسهم والسندات معاً في العام الماضي، وهبطت قيمة محافظ الاستثمار التي اعتمدت تقسيم 60/40 بنسبة 17%، مسجلة أسوأ أداء لها منذ 2008. بل إن بعض الباحثين وجدوا أن محافظ الاستثمار التي تضم أسهماً فقط استطاعت مع مرور الزمن أن تتجاوز في أدائها المحافظ المختلطة من حيث الأرباح التي حققتها والمحافظة على قيمة رأس المال.

اقرأ أيضاً: باول: توقعات اللجنة الفيدرالية لخفض الفائدة ليست قراراً

يُرجّح أن يؤدي خفض أسعار الفائدة الفيدرالية في العام المقبل، إلى ارتفاع أسعار الأسهم وتراجع عوائد السندات. ومع ذلك، فإن أموراً كثيرة تعتمد على السبب وراء خفض أسعار الفائدة. فإذا حدث ذلك بسبب ركود الاقتصاد، سوف تتعقد الأمور. أما إذا كان خفض الفائدة يستند إلى ضرورة مكافحة التضخم حتى يعود إلى مستوى طبيعي، وقيادة الاقتصاد إلى تحقيق هبوط سلس، فمن الحكمة أن يبدأ المستثمرون الاستثمار في السندات من الآن، وذلك بحسب إليوت ببر، مدير الضرائب والتخطيط المالي في شركة "نورث بروك فايننشال" (Northbrook Financial) في بالتيمور.

ما تأثير ذلك على المدخرات النقدية؟

شهدت العوائد على ادخار النقود فترة مزدهرة مع تجاوز سعر الفائدة مستوى 4% في كثير من حسابات التوفير مرتفعة العائد في الولايات المتحدة. وفي الوقت ذاته، سجلت أستراليا أعلى سعر للفائدة على الادخار بلغ نحو 5.7%، وفي نيوزيلاندا تجاوز سعر الفائدة مستوى 6% على الودائع لأجل سنة واحدة.

غير أن خفض أسعار الفائدة قد يؤدي إلى نهاية هذا العصر الذهبي، مع اتجاه البنوك إلى تغيير أسعار العائد بالتوازي مع أسعار الفائدة المعيارية. ومع ذلك فقد تؤدي المنافسة بين البنوك على جذب الودائع، إلى منعها من خفض أسعار الفائدة بسرعة بالغة.

عندما نتحدث عن أسعار الصرف، فإن ذلك يعتمد على العملة، إذ إن الأوضاع الحالية ليست في صالح الدولار الأميركي. فقد ارتفعت كل العملات في مجموعة العشر الرئيسية أمام الدولار يوم الأربعاء، واستمرار ذلك في اليوم التالي في آسيا.

اقرأ المزيد: الدولار عند أدنى مستوياته منذ أغسطس مع توقعات خفض الفائدة

ارتفعت عملة اليابان إلى مستوى لم تشهده منذ أغسطس، وحققت زيادة أخرى في قيمتها في بداية تعاملات الخميس. وارتفعت قيمة كل من الوون الكوري الجنوبي والرينغيت الماليزي بنسبة تجاوزت 1% أمام العملة الخضراء في إشارة إلى صعود عملات الأسواق الناشئة.

ماذا يحدث لأسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري وبطاقات الائتمان؟

ربما يلتقط الراغبون في شراء المنازل أنفاسهم أخيراً في عام 2024. فأسعار الفائدة على قروض الرهن العقاري تتراجع عادة بالتوازي مع خفض الفائدة الفيدرالية، مما قد يساعد على تخفيف أزمة ارتفاع أسعار المنازل والتي تجاوزت القدرة الشرائية في مختلف أنحاء العالم.

فائدة الرهن العقاري في الولايات المتحدة تراجعت للأسبوع الرابع على التوالي إلى أقل مستوى منذ يوليو، حيث وصل سعر الفائدة الثابتة حالياً إلى 7.07% على قروض الرهن لأجل 30 عاماً.

يُرجح أن تنخفض كذلك تكاليف استخدام بطاقات الائتمان في ضوء استخدام جهات الإصدار عادة سعر الفائدة الرئيسي عند الاحتياطي الفيدرالي أساساً لتحديد سعر فائدة البطاقات مع علاوة إضافية. وقد يساعد ذلك المستهلكين الذين يعانون بسبب أعباء الديون.

كيف تؤثر قرارات الاحتياطي الفيدرالي على أسعار الفائدة في مختلف أنحاء العالم؟

ترتفع جاذبية الأصول المقومة بالدولار الأميركي مع زيادة أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، إلى درجة أنها تمتص السيولة النقدية من الأسواق الأخرى متسببة في انخفاض قيمة عملاتها. واضطرت بعض الدول إلى الدفاع عن عملاتها في مواجهة قوة العملة الخضراء، فعززت الضغوط التضخمية وواجهت صعوبة أكبر في سداد الديون التي أصدرتها بالدولار. غير أن هذه الأوضاع قد تتحول إلى الناحية العكسية مع تغيير بنك الاحتياطي الفيدرالي لسياسته النقدية.

بعض البنوك المركزية والسلطات النقدية الأخرى قد تتحرك مع الاحتياطي الفيدرالي في الاتجاه ذاته وبنفس الوتيرة، بما في ذلك هونغ كونغ التي تربط عملتها بالدولار الأميركي.

اقرأ أيضاً: هونغ كونغ تثبت سعر الفائدة عند 5.75% بعد قرار "الفيدرالي"

غير أن رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قالت يوم الخميس إن صناع السياسة النقدية لا ينبغي أن يتغافلوا عن محاربة التضخم في الوقت الراهن، فيما يلاحظ نظيرها في "بنك إنجلترا" أندرو بيلي، أن معركة ترويض أسعار المستهلك لم تنته بعد.