اجتماع مهم للسياسة الاقتصادية في الصين يرسم مسار أسواق السلع

احتياجات أكبر بلد مستورد للسلع عالمياً تحدد اتجاه الأسواق من النفط إلى الحبوب

كميات هائلة من سبائك الألومنيوم في ساحة تخزين بمدينة ووشي في الصين
كميات هائلة من سبائك الألومنيوم في ساحة تخزين بمدينة ووشي في الصين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المنتظر أن يتصدر هدف نمو الصين للسنة الحالية -وطريقة تحقيقه- علاوة على سرعة عملية انتقال الطاقة صدارة اهتمامات مستثمري السلع الأساسية؛ إذ تحتشد الحكومة في اجتماعاتها التشريعية السنوية في بكين الأسبوع المقبل.

تتضمن القضايا الأخرى التي يمكن أن تجذب المزيد من تحسين السياسات الاقتصادية تراجع الصين عن أهدافها المتعلقة بكفاءة استخدام الطاقة، فضلاً عن المخاوف المستمرة إزاء إمدادات الوقود والغذاء والمواد الخام، بما فيها المعادن المهمة لعمليات التصنيع المتقدم وإزالة الكربون.

يحدد تأثير الصين بوصفها أكبر مستورد للسلع الأساسية حول العالم اتجاه الأسواق العالمية بداية من النفط والغاز إلى النحاس والحبوب. تعد البلاد أيضاً موطناً لأكبر قطاعات الفحم والصلب والألمنيوم على مستوى العالم، والبؤرة الرئيسية لتبني كوكب الأرض الطاقة المتجددة. نستعرض فيما يلي ملخصاً لما ينبغي البحث عنه مع تطور المؤتمر الشعبي الوطني.

تحفيز المعادن

تشكل أعمال التشييد، سواء في قطاع العقارات أو قطاع البنية التحتية، حجر الأساس للطلب على المعادن. يمكن أن تكون طريقة تخطيط بكين لإدارة الانهيار المتواصل بسوق العقارات، وما إذا كانت ستعزز الإنفاق الحكومي لتحقيق التوازن، حاسمة في تحديد اتجاه الأسعار بداية من النحاس إلى خام الحديد وهو المكون الرئيسي لصناعة الصلب.

سعر خام الحديد يقترب من أعلى مستوياته في 10 أشهر

يأمل المراهنون على الصعود في إقرار دعم مالي أكبر، والذي سيتجلى في هدفي مبيعات السندات وعجز الميزانية. كانت أرقام السنة الماضية غير طموحة نوعاً ما بالنظر إلى مدى تدهور الاقتصاد خلال وباء كورونا. ربما لا يكون العام الحالي مختلفاً إذ تسعى بكين إلى الموازنة بين تحقيق هدف النمو والأوضاع المالية الصعبة للسلطات المحلية.

حتى لو قررت الحكومة زيادة الإنفاق، إلا أن هناك تحفظاً. في ظل تطور الاقتصاد، أصبح الإنفاق على البنية التحتية أقل اعتماداً على الصناعات التقليدية الثقيلة على غرار الصلب والأسمنت. يرجح أن تستفيد مواد على غرار النحاس بدرجة أكبر إذ تُوجه الأموال نحو استثمارات خضراء أكثر.

خطط الكهرباء

دفعت الصين إنتاج الفحم إلى مستويات قياسية بعد نقص الكهرباء خلال الأعوام الأخيرة، لكنها تقترب حالياً بسرعة من الموعد النهائي خلال 2025 لبدء استخدام كميات أقل من هذا الوقود. تستعد البلاد لتصبج رائدة قكاع الطاقة النظيفة عالمياً. المهم في الأمر هو تعهد الرئيس شي جين بينغ ببدء تخفيض الانبعاثات على المستوى الوطني بعد بلوغها ذروتها مع حلول نهاية العقد الحالي، في علامة فارقة على طريق تحقيق صافي صفر انبعاثات.

الصين تسرع بناء محطات توليد الكهرباء من الفحم في 2023

أشارت أكبر مراكز تعدين الفحم في الصين بالفعل إلى أن نمو الإنتاج سيتباطأ العام الجاري وأنه سيتم زيادة الاستثمار بمصادر الطاقة المتجددة، وهو موضوع من المرجح أن يتناوله الكونغرس في بكين على المستوى الوطني. لكن توجد حاجة للمزيد من العمل لضمان قدرة شبكات الكهرباء والأسواق على استيعاب كل الطاقة النظيفة الإضافية.

رغم ذلك، ليس من المرجح أن يمر الاجتماع دون تناول صريح للوقود الأحفوري. حتى مع تثبيت إنتاج الفحم، هناك حاجة لمزيد من إنتاج الغاز خلال الأعوام المقبلة للتخفيف من اعتماد الصين على المصادر الأجنبية للوقود. تتوقع السلطات أيضاً أن تحافظ شركات النفط الكبرى في البلاد على زيادة إنتاج الخام.

كفاءة استهلاك الطاقة

بعد سنتين من الاهتمام البالغ بأمن الطاقة، من المتوقع زيادة التركيز على كفاءة الاستهلاك مع تصدر قضايا البيئة والمناخ المشهد. اشتكى المسؤولون خلال الشهور الأخيرة من مدى تأخر الصين عن بعض أهدافها، بما في ذلك تحسين جودة الهواء واتخاذ الإجراءات اللازمة نحو الحد من مقدار الطاقة والانبعاثات اللازمة للنمو الاقتصادي.

كان لزيادة الاعتماد على الفحم تكلفة باهظة. فقد تفاقم معدل تلوث الهواء في بكين خلال 2023، وخالف الاتجاه السائد الأعوام الأخيرة. في الوقت نفسه، نما استهلاك الطاقة بصورة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي للمرة الأولى منذ 2005، بحسب مركز بحوث الطاقة والهواء النظيف.

الصين تدرس تعويض محطات الكهرباء العاملة بالفحم مع تحولها للطاقة النظيفة

ستساعد عودة التركيز مجدداً على البيئة في الصين على الحفاظ على توسعها الهائل بمصادر الطاقة المتجددة، وتضغط أكثر على الحكومات المحلية لكبح الصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة. جرى فعلاً وضع أو تخطيط حدود قصوى للإنتاج أو نمو القدرة الإنتاجية للصلب والألمنيوم وتكرير النفط وربما النحاس. قد تشير التعليقات في المؤتمر حول تعزيز جهود تنظيم القطاعات مرتفعة الكربون إلى فرض قيود أكثر مستقبلياً.

سيبحث تجار الكربون أيضاً عن إشارات حول سوق الانبعاثات في الصين، والتي من المتوقع قريباً أن تسجل قطاعات جديدة للمرة الأولى منذ إطلاقها خلال 2021. ربما تحتدم معارضة نظام الكربون في الاتحاد الأوروبي، وهي نقطة خلاف حاد محتملة أخرى للتجارة إذ تتنافس الاقتصادات المتقدمة على سبل الاستفادة من عمليات إزالة الكربون.

الأمن الغذائي

في ظل تأثير الوباء على سلاسل التوريد والتوترات الجيوسياسية المتفاقمة سيبقى الأمن الغذائي في صدارة الأولويات. يرجح أن يشكل خطر الطقس القاسي المرتبط بالتغير المناخي عبئاً على الشؤون المالية للحكومة.

خلال السنة الماضية، تضرر محصول القمح بسبب الأمطار الغزيرة، بينما أحرقت موجات الحر محصول القطن، وزادت من الأسعار واحتياجات الواردات الكبيرة فعلاً للبلاد. حث الرئيس شي على إجراء تحسينات في سبل الوقاية من الكوارث التي تؤثر على قطاع الزراعة والتخفيف من حدتها، لكن العملية التنفيذية تقع في الغالب على كاهل الحكومات المحلية المثقلة بالديون.

تفرض القيود المفروضة على استخدام الأراضي والمياه خيارات محددة على المحاصيل التي ينبغي تعزيزها، وتحفيز اعتماد أصناف معدلة وراثياً ذات إنتاجية أعلى. مهما كان مدى ترويج بكين لميزات تحقيق الاكتفاء الذاتي، فعلى الأرجح ستستمر جهود تنويع مصادر وارداتها بقوة.