تمويل الشركات الناشئة السعودية مرشح للتفوق على مستويات 2023

بلغت قيمة الصفقات التمويلية في مارس فقط نحو 200 مليون دولار

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انطلق عام 2024 بشكل قوي بالنسبة لمشهد تمويل الشركات الناشئة في السعودية، ما يعزز إمكانية وصول هذه التمويلات إلى معدلات العام الماضي التي بلغت 1.38 مليار دولار، وكانت الأعلى في المنطقة، أو حتى التفوق عليها، مدعومةً بإطلاق برامج وصناديق مؤخراً لدعم هذه الشركات بإجمالي 1.5 مليار دولار.

خلال شهر مارس الجاري فقط، بلغت قيمة الصفقات التمويلية للشركات الناشئة في المملكة نحو 200 مليون دولار، بما في ذلك نحو 165 مليون دولار أُعلن عنها في "مؤتمر ليب 24" للتقنية الذي انعقد في الرياض، وذلك وفقاً لبيانات رصدتها "الشرق". وتوزعت هذه التمويلات على قطاعات مختلفة، من بينها التجارة الإلكترونية والتقنية المالية، إلى حلول توصيل الطلبات والقطاع الرياضي، وحصدت شركة "سلة" للتجارة الإلكترونية الحصة الأكبر من هذه التمويلات بقيمة 129 مليون دولار.

هذه المبالغ تشكل قفزة كبيرة إذا ما قورنت بتمويلات الشهرين الماضيين، إذ بلغ حجم التمويلات في يناير نحو 11 مليون دولار، ليرتفع بشكل طفيف في فبراير إلى 16.3 مليون دولار، بحسب تقارير "ومضة كابيتال" التي تتبع الشركات الناشئة ورأس المال الجريء في المنطقة.

دون الربع الأول في 2023

رغم هذا الحراك في الأشهر الثلاث الأخيرة، إلاّ أن هذه التمويلات لا تزال أقل من تلك التي حصدتها الشركات الناشئة في المملكة خلال الربع الأول من العام الماضي، والتي بلغت 359 مليون دولار وفقاً لتقرير شركة "ماغنيت".

المدير التنفيذي لشركة "ماغنيت" فيليب بحوشي أشار في تصريح لـ"الشرق" إلى أن "السعودية كانت إحدى الدول القليلة التي شهدت نمواً سنوياً في تمويلات رأس المال الجريء عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال عام 2023". لافتاً في الوقت عينه إلى أن 64% من إجمالي التمويل العام الماضي كان من نصيب 4 صفقات ضخمة بحجم تمويلات يفوق 100 مليون دولار لكل منها، وعلى رأسها "تمارا" و"تابي".

اقرأ أيضاً: "ليب 2024" السعودية يترقب 11.9 مليار دولار استثمارات مبدئية

أمّا هذا العام، ورغم استمرار التحديات التي كانت فرضت نفسها على سوق التمويل الجريء عالمياً وإقليمياً في 2023، إلاّ أن منظومة العمل بالنسبة للشركات الناشئة السعودية "تواصل تعزيز قوتها"، وفق بحوشي.

ونوّه مدير "ماغنيت" بأن تحقيق نفس مستوى العام الماضي من التمويل، أو حتى التفوق عليه، سيعتمد على حجم جولات التمويل من الفئتين "أ" و"ب+" التي ستقوم بها الشركات الناشئة المتقدمة لجمع الأموال اللازمة للتوسع، والتي تتسم عادةً بدخول مستثمرين من ذوي الملاءة المرتفعة.

برامج وصناديق للتمويل

تولي السعودية اهتماماً ملحوظاً بالشركات الناشئة كعنصر رئيسي لتعزيز الابتكار، وتوطين التكنولوجيا، وخلق فرص العمل للشباب، وتعزيز الناتج المحلي غير النفطي، تماشياً مع رؤية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد.

وفي ظل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة الأميركية، وانعكاسها على زيادة تكلفة التمويل، إضافةً إلى التباطؤ الذي يشهده نشاط التمويل الجريء عالمياً، لجأت المملكة إلى برامج لدعم منظومة عمل هذه الشركات.

فخلال "ليب 24"، أطلقت السعودية حزمة برامج بإجمالي استثمارات تناهز 600 مليون دولار، هدفها دعم الشركات الناشئة العاملة بقطاع التكنولوجيا بشكلٍ أساسي، تمويلياً وتجارياً.

اقرأ أيضاً: التمويل ليس هاجساً وحيداً أمام تطور الشركات الناشئة السعودية

إضافةً إلى البرامج، شهد شهر مارس فقط إطلاق العديد من الصناديق التي تهدف إلى دعم تمويل هذه الشركات، وبلغت قيمتها مجتمعة أكثر من 890 مليون دولار، بقيادة "إنفستكورب" التي أعلنت عن صندوق جديد لدعم الشركات الناشئة بمراحل النمو باستثمار 500 مليون دولار، و"غلف كابيتال" التي ستضخ نحو 100 مليون دولار في قطاع التكنولوجيا والابتكار السعودي.

فرص ذكية وفجوة كبيرة

يشير محمد العمر، رئيس مجلس إدارة "مجالس" للاستثمار، إلى وجود حراك استثماري نشط على مستوى الشركات الناشئة السعودية في عدد من القطاعات.

وأضاف في مقابلة مع "الشرق" أن "عدد الشركات الصغيرة ومتناهية الصغر في المملكة كبير، ولدينا الكثير من الشركات والفرص التي تُعرض"، وهي "فرص ذكية تواكب رؤية المملكة 2030".

العمر أشار إلى أن "مجالس" تغلق سنوياً ما بين 4 إلى 5 صفقات تمويلية للشركات الناشئة، منوّهاً بوجود قطاعات واعدة كالتقنية المالية، والتي وصل عدد شركاتها في السعودية إلى نحو 200، في حين أن المستهدف هو 500 بحلول 2030، ما يعني وجود فجوة كبيرة يجب على رواد الأعمال وكيانات الاستثمار برأس المال الجريء تغطيتها مستقبلاً.

اقرأ أيضاً: المحفزات الحكومية تدفع تمويل الشركات السعودية الناشئة للصدارة إقليمياً

الأموال المرصودة للشركات الناشئة عبر الصناديق والبرامج مؤخراً، والتي تناهز 1.5 مليار دولار، إضافةً إلى توافر الفرص وتنوعها بأكبر اقتصاد في المنطقة، فضلاً عن الاهتمام الحكومي بتطوير القطاع، كلها عوامل من شأنها أن تعطي الشركات الناشئة السعودية دفعة قوية خلال العام الجاري، ما قد يمكّنها من تجاوز حجم تمويلات العام الماضي البالغة 1.38 مليار دولار، والتي جاءت بمعظمها خلال الأشهر الأخيرة من 2023، وتركزت على صفقات "تمارا" و"تابي" للمدفوعات الإلكترونية، و"نعناع" لتوصيل البقالة، و"فلاورد" للتسوق الرقمي.