هل تستحق "بتكوين" مساحة في محافظ الاستثمار؟

إعادة النظر في نموذج الاستثمار التقليدي (60/40) ربما قد أفسح المجال أمام العملة المشفرة المتقلبة

أحد الحضور يرتدي قبعة بيسبول عليها شعار "بتكوين" خلال معرض "كريبتو إكسبو دبي" في "فستيفال أرينا" في دبي، الإمارات العربية المتحدة
أحد الحضور يرتدي قبعة بيسبول عليها شعار "بتكوين" خلال معرض "كريبتو إكسبو دبي" في "فستيفال أرينا" في دبي، الإمارات العربية المتحدة المصدر: بلومبرغ
Alexis Leondis
Alexis Leondis

Alexis Leondis is a Bloomberg Opinion columnist covering personal finance. Previously, she wrote about personal finance, asset management and mortgages, and oversaw tax coverage for Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

انطلق هذا العام بتسليط بنك "غولدمان ساكس" الضوء على أنَّ "بتكوين" كانت أفضل الأصول أداءً من حيث العوائد المطلقة والمعدلة بحسب المخاطر. ثم حدثت الأزمة المصرفية، وارتفعت أكبر عملة مشفَّرة إلى أعلى سعر لها في عشرة أشهر. وهي أمور تكفي كي تدفع بعض رافضيها لإعادة النظر فيها.

لكن هل تحوّل هذا العام إلى مجرد فقاعة قصيرة الأجل أم هذا دليل على صحة فرضية "ما لا يقتلك يجعلك أقوى"؟

إنَّ الآراء تجاه ذلك متباينة بشدة. إذ أصدر البيت الأبيض مؤخراً تقريراً اقتصادياً ينتقد العملات المشفرة، قائلاً إنَّ الأصول ليس لها قيمة أساسية؛ بينما يرى المراهنون على صعود "بتكوين" مثل كاثي وود، الرئيسة التنفيذية لشركة "آرك إنفستمنت مانجمنت"، أنَّ صعودها تأكيد لصالح اللامركزية.

تتراوح إجابات المستشارين الماليين حول الاستثمار في "بتكوين" بين من يعتقد أنَّ بضعة شهور من الأداء الإيجابي للعملة لا ينبغي اعتبارها اتجاهاً طويل الأجل - لنا عبرة في شركة "إنرون" (Enron)-، ومن يرى أنَّها تمثل فرصة لم نشهدها منذ 35 سنة لتكوين الثروة.

مقارنة مع استراتيجية 60/40

يكتسب السؤال أهمية أكبر لأنَّه يأتي في أعقاب أداء كارثي في العام الماضي مُني به نموذج الاستثمار التقليدي (60/40)، مما أدى إلى إعادة التفكير في النموذج الاستثماري المعتاد طوال ستة عقود، والمتمثل في تخصيص 60% من محافظ الأفراد الاستثمارية للأسهم، و40% للسندات. (أو نموذج ما

يجمع بين الاثنين).

عندما تكون الأسواق منتعشة هل يجب أن يغامر المستثمرون؟

لا توجد إجابة صحيحة بشكل قاطع. وأنا لست مراهناً على الصعود أو الهبوط عندما يتعلق الأمر بعملة "بتكوين"، لكن يصعب الجدال ضد فكرة تخصيص نسبة صغيرة لها للاستفادة من نموها.

دعونا نلقي نظرة على الأرقام. وفقاً لحسابات "مورنينغ ستار"؛ فإنَّ المستثمر الذي كان لديه تخصيص بنسبة 1% من "بتكوين" في محفظة تقليدية ذات خليط 60/40 (مع اعتبار حصة "بتكوين" في مجموعة الأسهم)، كان سيحصل على عوائد سيئة قليلاً العام الماضي. أي تراجع بنسبة 8.93% مقابل تراجع نسبته 8.77% لمحفظة (60/40) التقليدية (من دون بتكوين). هذه الأرقام ليست مروعة بالنظر إلى تراجع سعر "بتكوين" بما يقرب من 40% خلال تلك الفترة.

تخصيص 1% من المحفظة لـ"بتكوين"

على مدى فترات أطول، يعزز تخصيص 1% لـ"بتكوين" العوائد بشكل كبير. للسنوات العشر المنتهية في مارس؛ تفوّق أداء المحفظة التي خصصت لـ"بتكوين" 1% بسهولة على المحفظة التقليدية (60/40) بنسب 13.3% إلى 7.8% سنوياً. لكن في حين أنَّ التخصيص الأكبر قليلاً (2%) حقق أداءً سيئاً نوعاً ما العام الماضي (عبر انخفاض بنحو 9%)؛ لكنَّه حقق مكاسب بنحو 18% سنوياً خلال 10 سنوات.

ما يزال ارتباط "بتكوين" بفئات الأصول الأخرى منخفضاً نسبياً، لكن هذا بدأ يتغير قليلاً عندما يتعلق الأمر بأسهم الشركات ذوات رؤوس الأموال الكبيرة خاصة، وفقاً لما ذكرته آمي أرنوت، مستشارة إدارة المحافظ في "مورنينغ ستار".

أزمة أخرى و"فرصة" جديدة للعملات المشفرة

بالطبع، لا يمكنك الاعتماد على الأداء التاريخي. ويصعب تخيل أنَّ "بتكوين" ستشهد نفس ارتفاع السعر بمقدار عشرة أضعاف كالذي شهدته خلال العقد الماضي. مع ذلك؛ تبدو أنَّها مهيأة للارتفاع، وقد يكون الوقت الآن مناسباً للاستثمار فيها وسعرها رخيص نسبياً.

هل سيبلغ سعر "بتكوين" 100 ألف دولار؟

يقول مايك ماكغلون، كبير استراتيجيي الاقتصاد الكلي في "بلومبرغ إنتليجنس"، إنَّه يتوقَّع "أنَّها مسألة وقت فقط" قبل أن تصل "بتكوين" إلى 100 ألف دولار، لأنَّها تحتوي على شيء نادر جداً: أي معروض مُتناقص محدد، برغم أنَّها ما تزال في الأيام الأولى من اعتمادها. يضيف ماكغلون: "(بتكوين) في طريقها كي تصبح ضماناً رقمياً عالمياً في عالم يسير نحو ذلك الاتجاه.. المطبات متوقَّعة، لكنَّ المسار العام يبدو مستداماً للغاية".

ووفقاً لمصرف "غولدمان ساكس"؛ قد يصب سعر "بتكوين" في نهاية المطاف إلى 100 ألف دولار إذا قبل المستثمرون استخدامها كـ"ذهب رقمي". ويشير جيمي دوغلاس كوتس من "بلومبرغ إنتليجنس"، كبير محللي هيكل السوق، إلى ما سجلته "بتكوين" للتو في الربع الأول، إذ حققت ثاني أفضل أداء لها خلال عقد. وعادة، ينتج عن الربع الأول القوي ارتفاع الأسعار في نهاية العام.

"بتكوين" تتجه لتسجيل أكبر مكاسب فصلية منذ بداية 2021

خلال الفترات السابقة من الاضطراب المالي، عندما كان يرتفع مؤشر رئيسي لقياس المخاطر على النظام المصرفي الأميركي، انخفضت عملة "بتكوين". لكن هذه المرة، حتى مع ارتفاع المقياس، واصلت "بتكوين" ارتفاعها.

كل هذا يعني أنَّ المتفائلين أيضاً سيواجهون صعوبة في اختيار أفضل توقيت للاستثمار فيها. فمع التعرّض لـ"بتكوين"، تأتي التقلبات، مما يؤكد كيف أنَّ التخصيص الصغير هو الأنسب حقاً للمستثمر ذي الأفق الأطول، الذي يمكنه تحمّل المخاطرة؛ بمعنى؛ ليس المتقاعدون هم الذين يحتاجون دخلاً ثابتاً.

تُظهر حسابات "مورنينغ ستار" أنَّ التخصيص بنسبة 1% أدى إلى زيادة بسيطة في مستوى التقلبات خلال العام الماضي مقارنة بالمحفظة النموذجية ذات مزيج (60/40)، ولكن خلال فترة 10 سنوات، تضاعف التقلب تقريباً.

ما زلنا قادرين على تخيّل عالمنا دون "صناعة التشفير"

نظراً لمشكلات السيولة في "بتكوين"، والمخاوف المتعلقة باستخدام البورصات، فقد يواجه المستثمرون المتفائلون الأفراد بشأن نموها صعوبة في اكتشاف أفضل طريقة لشرائها. تم إنشاء صندوق "غراي سكيل بتكوين تراست" بقيمة 14 مليار دولار لكي يتمكن المستثمرون من تداول "بتكوين" من خلال حساب وساطة بدلاً من شراء العملة المشفَّرة مباشرة من بورصة بمحفظة رقمية. في حين أنَّ هذا يبدو جيداً من الناحية النظرية؛ فقد تم تداول "بتكوين" في صندوق الاستئمان بأسعار أقل بكثير من السعر الأساسي للعملة، يرجع ذلك جزئياً إلى المنافسة، ورسومه البالغة 2% المرتفعة بشكل خاص.

الجانب الإيجابي للتنظيم

قد يكون الخيار الأفضل لبعض المستثمرين هو تحوّل صندوق الاستئمان "غراي سكيل تراست" إلى صندوق متداول في البورصة، وهو شيء كان يحاول القيام به. تم رفض محاولاته حتى الآن من قبل "هيئة الأوراق المالية والبورصات"، لكن إذا نجح في الاستئناف؛ فمن المحتمل عندها أن يتتبع هيكل الصندوق المتداول في البورصة - حيث يمكن إصدار الأسهم واستردادها بما يتماشى مع الطلب– سعر "بتكوين" بشكل أفضل من صندوق الاستئمان، الذي يعمل في الأساس كصندوق ذي رأسمال ثابت.

الخطر الخفي لطموحات البنوك المركزية في العملات المشفرة

بعيداً عن "غراي سكيل"، هناك تغييرات تنظيمية للصناعة بأكملها في المستقبل، مما يجعل الاستثمار في "بتكوين" رحلة غير مستقرة. لكن من شأن تلك التغييرات أن توفر في نهاية المطاف المزيد من اليقين والمساعدة في دفع العملة المشفَّرة إلى مستوى أعلى. بالنسبة للمستثمر على المدى البعيد؛ يبدو أنَّ البدء في تحديد مخصصات صغيرة ومنتظمة لـ"بتكوين" هو أمر يستحق العناء.