السعودية تعزز مكانتها في صناعة التعدين العالمية بصفقة برازيلية قيمتها 2.6 مليار دولار

مشروع مشترك بين "صندوق الاستثمارات العامة" و"معادن" يقتنص 10% من وحدة تابعة لعملاقة التعدين "فالي"

منجم حدد تابع لشركة "فالي" في  البرازيل
منجم حدد تابع لشركة "فالي" في البرازيل المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أبرمت المملكة العربية السعودية أول صفقة كبيرة في إطار سعيها لاستثمار ثروتها الهائلة في صناعة التعدين العالمية، حيث وافقت على شراء حصة في وحدة المعادن الأساسية التابعة لشركة "فالي" (Vale SA) البرازيلية.

بموجب الصفقة، تستثمر المملكة 2.6 مليار دولار في شراء حصة تبلغ 10%، وذلك من خلال مشروع مشترك بين "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي وشركة التعدين العربية السعودية "معادن". هذه الصفقة مع أكبر شركة تعدين في البرازيل، تمنح المملكة العربية السعودية مصالح في مناجم لإنتاج النحاس والنيكل ومعادن صناعية أخرى، من إندونيسيا إلى كندا.

تحوّلت صناعة التعدين التي تتسم بأهمية كبيرة في توفير المواد اللازمة للتحول في مجال الطاقة على مستوى العالم، إلى محط تركيز في خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنويع اقتصاد المملكة بعيداً عن النفط، مع طموحات لبناء صناعة محلية قوية، وكذلك الاستثمار في الخارج.

من خلال صندوق الاستثمارات العامة، دخلت المملكة في موجة من الاستثمارات العالمية في السنوات الأخيرة، حيث استحوذت على حصص في مختلف القطاعات، من صانعي ألعاب الفيديو إلى شركات صناعة السيارات الكهربائية، لكن صفقة "فالي" هي أول استثمار رئيسي للصندوق في مجال التعدين منذ تأسيسه مشروعاً مشتركاً مع "معادن" في يناير الماضي حمل اسم "منارة".

موجة استحواذات خليجية قيد الإنجاز بقيمة 20 مليار دولار

إلى جانب صفقة "فالي"، أنشأت شركة "معادن" مؤخراً مشروعاً مشتركاً مع "إيفانهو إلكتريك" (Ivanhoe Electric Inc) الأميركية لتطوير مشروعات تعدين في المملكة العربية السعودية. أعلنت الشركة أيضاً عن شراكات مع "باريك غولد كورب" (Barrick Gold Corp) لاستكشاف وتطوير منطقتين جديدتين في المملكة، حيث يجري تشغيل منجم النحاس في جبل صايد (أحد جبال منطقة المدينة المنورة).

بالنسبة إلى شركة "فالي"، وهي ثاني أكبر مورّد للحديد الخام في العالم، ستوفر الصفقة السيولة لها للتوسع في إنتاج الحديد والمعادن الأساسية الأخرى. وبالإضافة إلى استحدواذ "منارة" على حصة 10%، ستحصل شركة الاستثمار الأميركية "إنجين نمبر 1" (Engine No. 1) على حصة قدرها 3%، حيث تبلغ القيمة الإجمالية للصفقتين 3.4 مليار دولار.

في عملية مزايدة شهدت إجراءات مطوّلة؛ تمكّن التحالف السعودي من التغلب على المنافسين، بما في ذلك شركة التجارة العامة اليابانية "ميتسوي أند كو" (Mitsui & Co) و"جهاز قطر للاستثمار"، وفقاً لأشخاص على دراية بالموضوع. عملت مجموعة "غولدمان ساكس" كمستشار لشركة "فالي" في الصفقة، بينما عمل "بنك أوف أميركا" مستشاراً لـ"صندوق الاستثمارات العامة" و"معادن".

المواد الحيوية

اشتهرت شركة "إنجين نمبر 1" بفوزها المذهل على شركة "إكسون موبيل" قبل عامين، عندما عيّنت ثلاثة مديرين في مجلس إدارة شركة النفط العملاقة. منذ ذلك الحين، بدأت مساعي الشركة لشراء أصول تعدين ووقود أحفوري لمساعدة الشركات على إزالة الكربون، خصوصاً مع ابتعاد مستثمرين آخرين عن هذا المجال. عيّنت الشركة، ومقرها في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا الأميركية، مديراً من "بلاكستون غروب" لهذه الاستراتيجية.

قال إريك بيلز، رئيس قطاع رأس المال الخاص في "إنجين نمبر 1": "تتمثل مهمتنا في مجال رأس المال الخاص في التعاون مع الشركات لخلق قيمة من خلال تشغيل الأصول بطريقة مسؤولة ومستدامة، مع توفير المواد الحيوية".

تحليل: نفوذ المستثمرين السعوديين يتزايد عالمياً

بعد سنوات من التفاوض، أنشأت "فالي" وحدة المعادن الأساسية المستقلة معتمدةً بشكل رئيسي على الأصول الموجودة في كندا والبرازيل وإندونيسيا، التي حصلت عليها في صفقة الاستحواذ على شركة "إنكو" (Inco Ltd) الكندية التي أُعلن عنها في 2006. اختارت الشركة مارك كوتيفاني، الرئيس السابق لشركة "أنغلو أميركان" (Anglo American Plc) لقيادة مجلس إدارة مستقل للوحدة، التي تقدّر قيمتها بـ26 مليار دولار وفقاً للصفقات التي أُعلن عنها اليوم.

شراكة بين "أستون مارتن" و"لوسيد" بتكنولوجيا السيارات الكهربائية

تتيح عملية فصل وحدة المعادن الأساسية أمام المستثمرين إمكانية تقييم الاستثمارات بطريقة أسهل. تُتداول أسهم شركة التعدين البرازيلية العملاقة بخصم مقارنة بأسهم الشركات المنافسة، نظراً لكون الجزء الأكبر من أرباحها يأتي من مناجم خام الحديد في البرازيل التي شهدت انهيارات مدمرة لسدود في السنوات الأخيرة.

بالإضافة إلى كوتيفاني، يضم مجلس إدارة وحدة المعادن الأساسية أيضاً، جيروم غيلين، الذي أمضى عقداً من الزمن كنائب لإيلون ماسك في شركة "تسلا". وتعتبر "فالي" مورّداً مباشراً لـ"تسلا" و"جترال موتورز"، كما أن "فورد موتور" هي أحد شركائها في مشروع التطوير المشترك للنيكل في إندونيسيا. بحسب الرئيس التنفيذي للشركة إدواردو بارتولوميو؛ تتمتع وحدة المعادن الأساسية المستقلة بإمكانات كبيرة تسمح لها بأن تصبح بحجم تلك التي تتولى عمليات خام الحديد التابعة لـ"فالي".

إغلاق الصفقة بداية 2024

من المتوقع أن يتم إغلاق صفقة بيع الحصة البالغة 13% بحلول الربع الأول من العام المقبل، وهذا مرهون بموافقة الجهات التنظيمية والرقابية. ستساعد عائدات الصفقة في زيادة الإنتاج السنوي للشركة من النحاس إلى 900 ألف طن متري من 350 ألف طن، وزيادة إنتاج النيكل إلى أكثر من 300 ألف طن من 175 ألف طن.

الخطوات التالية لفصل وحدة المعادن الأساسية التابعة لـ"فالي" غير واضحة بعد. كما أن طرح هذه الوحدة وإدراجها في البورصة من بين الخيارات المتاحة. قال بارتولوميو في أبريل: "من الواضح أن الطرح العام الأولي في المستقبل أمر يمكن أن تسعى إليه الشركة للحصول على سيولة مالية"، مشيراً إلى أن "هناك العديد من الطرق التي يمكن أن تتبعها الشركة لتعزيز السيولة لديها.