أغنى رجل في فيتنام يضاعف ثروته 3 مرات بالرهان على السيارة الكهربائية

"فين فاست" تندمج مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة وفام يعتزم طرح شركة صنع المركبات الكهربائية للتداول العام

فام نهات فونغ، رئيس مجلس إدارة مجموعة "فين غروب"
فام نهات فونغ، رئيس مجلس إدارة مجموعة "فين غروب" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يستعد أغنى رجل في فيتنام، فام نهات فونغ لزيادة كبيرة في ثروته بنحو 11 مليار دولار، ما يقفز به إلى المراتب العليا على قائمة أثرياء العالم، لبعض الوقت على الأقل.

فونغ نهات فونغ أنهى جميع المستندات والأعمال الورقية اللازمة لطرح "فين فاست" (VinFast)، شركة إنتاج المركبات الكهربائية التي يملكها، للتداول العام عبر إدراجها من خلال شركة استحواذ ذات غرض خاص، مع شركة "شيك على بياض" أسسها قطب الكازينوهات لورانس هو. وهي صفقة سوف تمنح "فين فاست"- وهي شركة معروفة على نطاق ضيق خارج فيتنام- قيمة سوقية تبلغ 23 مليار دولار.

يوم الخميس القادم، يصوّت مساهمو شركة "بلاك سبيد أكويزشن" (Black Spade Acquisition) على استكمال الصفقة من عدمه. وإذا صوتوا بالموافقة، ستصبح هذه ثالث أكبر صفقة لشركة استحواذ ذات غرض خاص في التاريخ، وقد تقفز ثروة فام- صورياً- إلى نحو 16 مليار دولار من نحو 5 مليارات دولار حالياً، وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات الذي يتتبع أغنى 500 شخص في العالم.

لكن هناك عقبات كثيرة يجب تجاوزها. فانتعاش شركات "الشيك على بياض" في حقبة الجائحة قد تلاشى، وإذا أخذنا الصفقات الأخيرة كمثال، سنجد أن القيمة السوقية للشركة قد تتراجع مباشرة بعد بدء تداول أسهمها.

عقبات في الطريق

شركات المركبات الكهربائية لديها سجل غير منتظم فيما يخص الاندماجات مع شركات "الشيك على بياض". منذ يونيو 2020، شهدت أسهم 5 شركات على الأقل ارتفاعاً كبيراً بعد الإدراج عبر شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة، قبل انهيارها وحرق كميات هائلة من أموال المستثمرين. كانت "لوردستاون موتورز" إحدى هذه الشركات، وقدمت طلباً للحماية من الإفلاس في يونيو.

صفقة شركة سيارات كهربائية تظهر حماقة شركات "شيك على بياض"

شركة "فين فاست" هي الأخرى تضررت من مشكلات تشغيلية، ما أعاق طموحها لكسب حصة من سوق المركبات الكهربائية التي تشتد فيها المنافسة. واستدعت الشركة في مايو كل المركبات الكهربائية متعددة الأغراض التي شحنتها إلى الولايات المتحدة بسبب خطأ برمجي. وسرّحت جزءاً من عمالها في الولايات المتحدة، وما تزال المبيعات متواضعة، فيما تتزايد الخسائر.

قال كريس روبنسون، مدير أول بشركة "لوكس ريسيرش" (Lux Research) للبحوث والاستشارات، والتي تغطي أخبار السيارات وتحول الطاقة: "معظم التقييمات انتقدت جودة الإنتاج نقداً شديداً. ومن الصعب أن تتمكن هذه الشركة من تبرير تقييمها المقترح عند 23 مليار دولار".

اتضح أن تلك المشكلات باهظة التكلفة. فخلال السنوات الست التي عملت فيها، حصلت "فين فاست" على تمويل بقيمة 9.3 مليار دولار لتغطية عملياتها ونفقاتها الرأسمالية، وجاء أغلب التمويل من الشركات الأخرى التي يملكها فام.

مع ذلك، تتوقع الشركة أن تتراوح مبيعاتها بين 45 ألف و50 ألف مركبة هذا العام، وقالت إنها قد تنتج مركبات "بيك أب"، وسيارة صغيرة، وطرازات أخرى، كلها كهربائية، إذا كان هناك طلب عليها في السوق. وبدأت تشييد مصنع في نورث كارولاينا في الشهر الماضي، ويتوقع فام أن تبلغ "فين فاست" عتبة الربحية بنهاية 2024.

كما أن الشركة متفائلة حيال تقييم أسهمها استعداداً لإدارج أسهمها عبر شركة استحواذ ذات أغراض خاصة، وقالت في بيان مكتوب إلى بلومبرغ إنها تتوقع ارتفاعاً محتملاً في التقييم.

تحميل سيارات "فين فاست" من طراز VF8 على سفينة لتصديرها
تحميل سيارات "فين فاست" من طراز VF8 على سفينة لتصديرها المصدر: بلومبرغ

مشروع الشعيرية

بالتبعية، ما يزال فام ملتزماً مالياً تجاه "فين فاست"، والتي بدأت إنتاج السيارات التي تعمل بمحركات الاحتراق الداخلي قبل أن تركز نشاطها على المركبات الكهربائية. ضخ رجل الأعمال المولود في هانوي، والذي تلقى تعليمه في روسيا، مع أقاربه 300 مليون دولار في الشركة، وتعهد فام باستثمار مليار دولار آخر.

"ستيلانتيس" تخطط لإنتاج سيارة كهربائية بسعر 27 ألف دولار

يمكن تتبع بداية ثروة فام إلى أوكرانيا، حيث انتقل إليها الرجل البالغ 55 عاماً –حالياً- في أوائل التسعينيات بعد دراسة الهندسة الجيواقتصادية في روسيا. وهناك، بدأ مشروعاً لصنع الشعيرية سريعة التجهيز، وحقق نجاحاً كبيراً. وفي 2010، باع الشركة إلى "نستله" (Nestle SA) مقابل مبلغ لم يُكشف عنه.

في غضون ذلك، كان قد بدأ بوضع الأساس لمشروع في وطنه فيتنام، مجموعة "فين غروب" (Vingroup JSC). ركّز فام في البداية على العقارات، وشملت أنشطة المجموعة المنتجعات والمدارس ومراكز التسوق وغيرها. حققت المجموعة، ومقرها في هانوي، إيرادات تبلغ 4.3 مليار دولار في 2022، ما يعادل نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي للبلد.

مركز تسوق "فين غروب" في مدينة هو تشي منه
مركز تسوق "فين غروب" في مدينة هو تشي منه المصدر: بلومبرغ

كانت "فين فاسن" أول شركة بالمجموعة تدخل مجال صنع السيارات. وبمرور السنين، جلبت الشركة جيشاً من الوافدين ذوي الخبرة من شركات صنع السيارات، مثل "فورد موتور" و"جنرال موتورز"، إلى فيتنام. لم يستمر عددٌ منهم إلا لفترة قصيرة، إذ أحبطتهم الوتيرة السريعة وصنع القرار الذي تلخص في تلبية كل أهواء رئيس مجلس الإدارة بغض النظر عن التكاليف أو التوقيت، وفقاً لما قاله 3 موظفين سابقين لبلومبرغ شريطة عدم الكشف عن هوياتهم نظراً لتوقيعهم على اتفاقيات عدم إفصاح.

مبيعات "تسلا" في الصين تتراجع 31% خلال يوليو

رداً على ذلك، قالت "فين فاست" إن بصفتها شركة ناشئة، فهي تحتاج إلى درجة محددة من المرونة في العمل وسرعة في التنفيذ لا تناسب الجميع.

إعجاب ضئيل

أعد مجلس إدارة "بلاك سبيد" التقييم باستخدام مضاعف قيمة حقوق الملكية إلى الإيرادات المتوقعة لشركة "لوسيد غروب". وقد اعتُبرت شركة صنع المركبات الكهربائية الفاخرة الأكثر قابلية للمقارنة بـ"فين فاست"، وفقاً لإفصاحات قُدمت للجهات التنظيمية. وقالت "بلاك سبيد" إنها تعاونت مع "جونز تريدنغ إنستيتيوشنال سيرفيسز" (Jones Trading Institutional Services LLC) مستشاراً مالياً، لكنها لم تكلف طرفاً ثالثاً بالتقييم أو بإعداد تقرير عن عدالة التقييم.

البنوك الاستثمارية، التي تعاملت سابقاً مع الشركة لإعداد طرح أوّلي عام تقليدي، قالت إن التقييم لا يعكس أوضاع السوق أو توقعات الشركة للأرباح، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم في مناقشة أمور سرية.

"تسلا" تتفوق على السيارات الكهربائية الألمانية في عقر دارها

تظهر الإفصاحات المقدمة للجهات التنظيمية أن فام سيسيطر على 99% من الكيان الموحد بعد الاندماج، جزئياً عبر أسهم تملكها زوجته، فام ثو هونغ، و"فين غروب". وسيمتلك قطب الكازينوهات، الملياردير هو، وذراعه الاستثمارية، إلى جانب مجموعة من الأشخاص مرتبطين بشركة "الشيك على بياض"، جزءاً من الأسهم المتبقية.

إن التحول إلى شركة متداولة عبر الاندماج مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة، في خطوة تعرف باسم (deSPAC)، يحمل في طياته مزايا عديدة لفام، ما سيسمح له ببيع الأسهم في المستقبل، ومكافأة المديرين التنفيذيين بأسهم، ويمنح "فين فاست" مكانة أعلى بين الجمهور، لا سيما في الولايات المتحدة.

قالت "فين فاست": "من المهم ملاحظة أن هدفنا الرئيسي من الصفقة المقترحة مع (بلاك سبيد) هو أن نصبح شركة مطروحة للتداول العام، لا جمع المال عبر عملية الدمج مع شركة استحواذ ذات أغراض خاصة بحد ذاتها. ومع ذلك، إدراجنا في البورصة الأميركية سيزودنا بالقدرة على الوصول إلى مصادر إضافية لرأس المال لأي حاجة محتملة في المستقبل، وسندرس إجراء طرح تالٍ عندما يحين الوقت المناسب".

لم يرغب أغلبية مساهمي شركة "الشيك على بياض"، عدا هو، في إتمام الصفقة مع "فين فاست"، ففي يوليو، استرد 84% منهم الأسهم مقابل النقدية، بدلاً من مواصلة الاستثمار وامتلاك جزء من شركة صنع المركبات الكهربائية في نهاية المطاف. وقالت "فين فاست" إن معدلات الاسترداد تتوافق مع اتجاهات السوق في الآونة الأخيرة.

لدى جاي ريتر، أستاذ التمويل بجامعة فلوريدا، توقع قاتم لاندماج "فين فاست"، فقد قال إن "الأغلبية العظمى من الدمج مع شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة ضخمت التقييمات، ما يمنحها عدداً أقل من الأسهم حرة التداول. والأرجح أن تتذبذب أسعار الأسهم بشدة لفترة من الوقت، لكن المؤكد تقريباً إن قيمتها ستنخفض".