تضخم أم ركود؟ رؤساء الشركات يقررون الشهر المقبل

الشركات الأميركية مطالبة بوضع استراتيجية لمواجهة الضغوط المتصاعدة على الربحية وتحديد اتجاه الاقتصاد

متداولون في قاعة بورصة نيويورك بمدينة نيويورك الأميركية
متداولون في قاعة بورصة نيويورك بمدينة نيويورك الأميركية المصدر: غيتي إيمجز
Conor Sen
Conor Sen

Columnist for @bopinion . Founder of Peachtree Creek Investments. Fintwit, demographics/elections, Atlanta.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما يستفيد المستهلكون من تراجع ضغوط التضخم في الولايات المتحدة حتى الآن، غير أن الأمر نفسه لم يعد صحيحاً بالنسبة للشركات الأميركية.

العوامل التي خففت الضغوط على "ربحية الشركات على مدى السنة الماضية - مثل أسعار الشحن والطاقة، والسلع الأساسية المهمة كالأخشاب، وسلاسل التوريد- إما أنها عادت لطبيعتها ومن غير المرجح أن تحقق مزايا أكثر، أو أنها ستنقلب وتبدأ بالضغط على الأرباح مرة أخرى.

ستعمل الشركات قطعاً على حماية هوامش أرباحها. سواء فعلت ذلك عبر تخفيض التكاليف أو منح الأولوية مرة ثانية لزيادة الأسعار على حساب كم المبيعات، وسوف يحدد ذلك ما إذا كان الخطر الأكبر خلال النصف الأول من 2024 هو الركود أم التضخم. وفي الحالتين لن تكون النتيجة جيدة بالنسبة للأسهم.

انخفاض التضخم

إلى عهد قريب، استفادت الشركات من تراجع ضغوط التضخم حتى مع هبوط معدل نمو الإيرادات. سمح لهم ذلك بالاستمرار في تحقيق ربحية أكبر مقارنة بتوقعات مستثمربن بداية السنة الجارية. وانخفضت أسعار النفط بصورة كبيرة بين يونيو 2022 ويونيو 2023. هوت أسعار الشحن خلال عام 2022، مع بقاء القوة الدافعة لتلك التراجعات حتى العام الجاري بينما أعادت الشركات التفاوض حول عقود الشحن. بالنظر إلى أن انتهاء أزمة سلاسل التوريد؛ تمكّنت شركات التصنيع من الوصول للمكونات التي تحتاجها لإنتاج البضائع وشحنها واستلام البضائع بطريقة أسرع، والاحتفاظ بمخزون أقل، وكل ذلك بتكاليف أقل من السنة السابقة.

التضخم في الولايات المتحدة يسجل أقل وتيرة ارتفاع متتالية في عامين

يساعد هذا على تفسير لماذا كانت أرباح الشركات مفاجأة سارة بالنسبة للمستثمرين، ولماذا استطاعت هوامش الأرباح أن تنمو ولو بقدر محدود خلال الربع الثاني من السنة الجارية. أسهم تباطؤ معدل التضخم الذي أفاد الشركات والمستهلكين في تنشيط سوق الأسهم بالسنة الحالية.

لسوء الحظ، لم يعد الحال هكذا.

تصاعد التكاليف

صعدت أسعار النفط خلال الشهور الثلاثة الماضية؛ إذ قلصت بلدان تحالف "أوبك+" الإنتاج. وهبطت أسهم شركات الطيران التي تأثرت بزيادة تكلفة النفط فوراً، وخفضت في الأونة الأخيرة توقعات الأرباح للربع الثالث من السنة الجارية جراء تفاقم تكاليف الوقود وكذلك تراجع الطلب على السفر الداخلي.

انتقلت سلاسل التوريد من مرحلة التحسن إلى مرحلة الاستقرار بطريقة كبيرة. ونشاهد هذا الأمر في قطاع الإسكان، إذ عادت المدد الزمنية للبناء إلى طبيعتها. انتهى هبوط أسعار ألواح الأخشاب، الذي ساعد شركات تشييد المنازل على تعويض تراجع سوق الإسكان، مع وجود مجال محدود لتراجعات أكثر ذات مغزى. وهبطت أسهم شركة "لينار"، ثاني أكبر شركة تشييد منازل في الولايات المتحدة الأميركية، بعد إعلانها عن أرباحها الأسبوع الماضي، حيث ركز المستثمرون على مخاطر ارتفاع فوائد الرهن العقاري على هوامش الأرباح.

تراجع أرباح الشركات القياسي شاهد على ركود الاقتصاد الأميركي

وبناء على ذلك؛ ستضغط أسعار الفائدة التي ستبقى مرتفعة لمدة طويلة على الأرجح على أرباح الشركات بطريقة لم تنجم عن تشديد السياسة النقدية إلى حد الآن. استفادت الشركات من أسعار الفائدة المنخفضة خلال عامي 2020 و2021 لتمديد آجال استحقاق الديون لأعوام أخرى، وما زالت تستفيد من الديون منخفضة الفائدة على الرغم من زيادة أسعار الفائدة. لكن هذه الظاهرة لن تدوم. مع اقتراب آجال استحقاق الديون، ستضطر الشركات إلى إصدار ديون جديدة خلال السنة المقبلة تفوق ما كانت عليه السنة الماضية. ويرجح أن تشكل زيادة نفقات الفائدة ظروفاً غير مواتية أشد تأثيراً على معدل الربحية.

سوق العمل

كان نقص المعروض في سوق العمل أحد الظروف غير المواتية المستمرة. ما زالت تكاليف العمالة للشركات في تصاعد، مثلما شهدناه في شركة "يونايتد بارسل سيرفيس" وأكبر 3 شركات لتصنيع السيارات المحلية حالياً، كما أن هناك حاجة مستمرة لامتصاص تكاليف ضخمة ببعض القطاعات. كان أداء سهم "يونايتد بارسل سيرفيس" أقل كثيراً من مؤشر "ستاندرد أند بورز 500" منذ بداية السنة حتى اليوم جزئياً جراء الاتفاق على عقد جديد مع نقابة سائقي الشاحنات الدولية "تيمسترز" الذي كان أكثر كلفة من توقعات المستثمرين. من المفترض أن تتفاوض نقابة "عمال السيارات المتحدون" على عقد يتضمن تحسينات ضخمة في الأجور والمزايا لأعضائها، مما سيقلل من مستوى ربحية شركة تصنيع السيارات.

طلبات إعانة البطالة الأميركية تهبط لأدنى مستوياتها منذ يناير

السؤال الذي يطرح نفسه مع اقترابنا من موسم إعلان أرباح الربع الثالث من السنة الحالية خلال الشهر المقبل هو: ماذا يخطط المسؤولون التنفيذيون في الشركات للقيام به تجاه كل هذه الضغوط المتجددة الواقعة على هوامش الأرباح؟ إذا قرروا تخفيض التكاليف؛ فإنه يشكل تهديداً لمستقبل التوظيف والنمو الاقتصادي، ويعني تفاقم مخاطر الركود خلال 2024. إذا اختاروا الوقوف مكتوفي الأيدي؛ فمن المحتمل أن يسفر ذلك عن توقعات جني أرباح أقل في الدليل التوجيهي بما يتسق مع ما رأيناه للتو من شركات الطيران، مما يزيد من مخاطر الجانب الهبوطي لسوق الأسهم. وفي حال قرروا نقل هذه الزيادة في الأسعار إلى المستهلكين؛ فسيفاقم ذلك خطر صعود معدل التضخم مرة أخرى، مما يجذب انتباه بنك الاحتياطي الفيدرالي لدراسة رفع أسعار الفائدة.

عجز الموازنة

إذا وُجد جانب مشرق يمكن أن يعوض هذه التوقعات الصعبة؛ فسيكون متمثلاً في أن عجز الميزانية الفيدرالية المرتفع باستمرار يعني أن أموالاً تضخ في الاقتصاد، وتوفر الحماية للمستهلكين والشركات. ويبلغ العجز المتوقع خلال 2023 تريليوني دولار، وهي سيولة نقدية ستتدفق إلى القطاع الخاص، مما يسهم في زيادة أرباح الشركات وإنفاق المستهلكين، حتى مع مساهمتها في زيادة معدلات التضخم.

إذا كنت تسأل عن أي من الركود أو التضخم يشكل الخطر الأكبر خلال النصف الأول من 2024، فعليك الانتباه إلى هذه الضغوط على أرباح الشركات، وكيف ستتعامل معها الشركات. يمثل هذا بدرجة ما الخيار الذي ينبغي للشركات الأميركية أن تقرره، وبداية من الشهر المقبل ستتوفّر لدينا فكرة أفضل عما تعتزم هذه الشركات فعله.